كيف ولو اجتمع جميع حيوانها من طيرها وبهائمها وما كان من مراحها وسائمها وأصناف أسناخها وأجناسها ومتبلدة أممها وأكياسها على إحداث بعوضة ما قدرت على إحداثها، ولا عرفت كيف السبيل إلى إيجادها، ولتحيرت عقولها في علم ذلك وتاهت، وعجزت قواها وتناهت، ورجعت خاسئة حسيرة عارفة بأنها مقهورة مقرة بالعجز عن إنشائها، مذعنة بالضعف عن إفنائها.
وإنه يعود سبحانه بعد فناء الدنيا وحده لا شئ معه كما كان قبل ابتدائها كذلك يكون بعد فنائها، بلا وقت ولا مكان ولا حين ولا زمان، عدمت عند ذلك الآجال والأوقات وزالت السنون والساعات فلا شئ إلا الله الواحد القهار " (1).
قال العلامة المجلسي (رحمه الله) في شرح قوله (عليه السلام): " ولو كان قديما لكان إلها ثانيا.. ":
هذا صريح في أن الإمكان لا يجامع القدم، وأن الإيجاد إنما يكون لما هو مسبوق بالعدم، فالقول بتعدد القدماء مع القول بإمكان بعضها قول بالنقيضين (2).
وقال في موضع آخر في شرح هذه الفقرة:
يدل على أن القدم ينافي الإمكان، وأن القول بقدم العالم شرك (3).