الأساطين (1).
أقول: يستفاد من كلامه أمور:
منها: إن الفلاسفة لم يبالوا من مخالفة الشريعة فيما ذهبوا إليه من القدم الذاتي.
ومنها: إنهم أولوا نصوص الكتاب والسنة، وما اتفق عليه أهل الأديان في باب حدوث العالم، وقالوا: إنما المراد منه مجرد الحدوث الذاتي والافتقار إلى الصانع، وهذا القول في الحقيقة تكذيب للأنبياء ومستلزم للعقاب الأبدي.
ومنها: ألفاظ الكتاب والسنة غير قاصرة عن إفادة الحقائق كي تحتاج إلى صرفها عن ظواهرها، وارتكاب التجوزات البعيدة فيها، فالمستفاد من الكتاب والسنة ليس إلا الحدوث الزماني، بمعنى مسبوقية العالم للعدم وإن له أول وابتداء.
ولا يخفى أن قوله هذا اعتراف وإقرار بما ذكرناه من اتفاق الآيات والأخبار والمليين على حدوث العالم زمانا.. أي مسبوقيته بالعدم الصريح.
ثم إن ما نسبه ملا صدرا إلى الفلاسفة من التأويل، وعدم الفهم، والقصور في الإدراك، وتكذيب الأنبياء، ومخالفة الضرورة.. وأمثالها يشمل نفسه قبل أن يشمل غيره، كيف لا وهو يقول:
إن العقول المفارقة خارجة عن الحكم بالحدوث لكونها ملحقة بالصقع الربوبي، لغلبة أحكام الوجود عليها، فكأنها موجودة بوجوده تعالى لا بإيجاده وما سوى العقول من النفوس والأجسام وما يعرضها حادثة بالحدوث الطبعي