غير موجود فيما أخرجه الشيخان من أخبار القصة وذلك قادح عند الرازي، كما قال في حديث الغدير، فليكن هذا كذلك - هو: التألم مما قاله المنافقون في المدينة، والشوق إلى ملازمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في هذه الغزوة كسائر الحروب والغزوات، وهذا صريح روايات القصة في جميع الكتب التي جاء فيها ذكر البكاء، فقد روى النسائي - كما سمعت سابقا - عن مالك قال:
" قال سعد بن مالك: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا على ناقته الحمراء وخلف عليا، فجاء علي حتى تعدى الناقة فقال: يا رسول الله زعمت قريش أنك إنما خلفتني أنك استثقلتني وكرهت صحبتي، وبكى علي، فنادى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس: ما منكم أحد إلا وله خابة، يا ابن أبي طالب أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي " (1).
وقال إسحاق الهروي في (السهام الثاقبة) في جواب الحديث:
" ثم أقول: قد ذكر أهل التحقيق من المحدثين في صدور هذا الكلام من سيد الأنام صلوات الله عليه إلى يوم القيام: إنه لما توجه صلى الله عليه وسلم إلى غزوة تبوك استخلف عليا رضي الله عنه على المدينة وعلى أهل بيته، فجاء علي رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم باكيا حزينا لكثرة شوقه إلى الغزاء وملازمة سيد الأنبياء صلوات الله عليه وسلامه. فقال: يا رسول الله تتركني مع الأخلاف؟ فقال عليه السلام تسلية له رضي الله تعالى عنه: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي... ".
فالعجب من ابن تيمية كيف يقلب هذا البكاء الذي يعد فضيلة من فضائل الإمام عليه السلام إلى دليل على ضعف استخلافه على المدينة؟