وأما ثالثا: فلأن ثبوت بعض الفضائل لبعض الصحابة ليكون ترغيبا للناس في الأخذ منهم، منوط باتباعهم الثقلين ورجوعهم إلى باب مدينة العلم، ومشروط ببقائهم على حالة الإطاعة والولاية للثقلين وركوب سفينة النجاة...
فظهر أن من ثبت في حقه من الفضائل بعض الشئ فذلك بفضل متابعة أهل البيت، فبطلت دعوى المشاركة في الفضائل.
والسابع: إن حديث " أنا مدينة العلم " يدل على شأن جليل خاص بسيدنا أمير المؤمنين عليه السلام كما تقدم بالتفصيل مرارا. وأما ما ذكره في حق أبي ومعاذ فهو بعض الحديث الطويل الموضوع، الذي بحثنا عنه بالتفصيل في جواب كلام العاصمي، فراجع.
ثم لو كان أبي بن كعب من علماء الدين الذين انتشر بهم دين الله وجرى على لسان نبيه بعض فضائله ليرغب في الأخذ منه... كما زعم ولي الله، فما هذا الذي كان من عمر بن الخطاب في أبي، وقد رواه شاه ولي الله نفسه في نفس كتابه حيث قال: " وعن سليمان بن حنظلة قال: أتينا أبي بن كعب لنتحدث إليه، فلما قام قمنا ونحن نمشي خلفه، فرهقنا عمر فتبعه فضربه عمر بالدرة، قال: فاتقاه بذراعيه فقال: يا أمير المؤمنين ما تضع؟! قال: أو ما ترى فتنة للمتبوع مذلة التابع. أخرجه الدارمي " (1).
كلام آخر لولي الله ولولي الله الدهلوي كلام آخر في حديث مدينة العلم، قال ما تعريبه:
" ومثلا: أنا مدينة العلم وعلي بابها. مقرون بأحاديث كثيرة في حق الشيخين، مثل حديث الاقتداء، وحديث رؤيا اللبن والقميص، وفي حق غيرهما، كفضائل ابن مسعود وعائشة ومعاذ وأبي بن كعب، وكل واحد من هؤلاء مبشر بالعلم، وقد أمر بأخذ العلوم منهم " (2).