المانع وهو قصر مدته.
والثاني: سلمنا التوقف المذكور، لكن مدة أبي بكر منذ إسلامه حتى موته كانت طويلة، فلو كان أعلم الصحابة لظهرت آثار أعلميته في هذه المدة، ولاشتهر علمه، وأما التعلل بعدم الاحتياج إليه في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وعند الاحتياج إليه بعد موت النبي صلى الله عليه وآله لم تطل مدته، فليس بنافع، لأن أعلم الصحابة محتاج إليه على كل حال، ولذا نرى احتياج الناس إلى أمير المؤمنين عليه السلام - وهو الأعلم في الواقع والحقيقة - على حياة النبي وبعد وفاته صلى الله عليه وآله، ومن هنا نرى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يدل الأمة ويرشدهم نحو الإمام بقوله: " أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأت الباب ". وأيضا: قد اشتهرت قضايا الإمام عليه السلام وفتاواه على عهد النبي صلى الله عليه وآله سواء في سفره إلى اليمن أو في المدينة المنورة.
أما أبو بكر فلم ينقل عنه ما يدل على علمه فضلا عن أعلميته في مدة خلافته مع احتياج الأمة إليه بعد النبي، فضلا عن زمان حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ثم إن ما ذكره السمهودي من أن زمان خلافة أبي بكر كان وقت اشتهار علمه، لكن منع من ذلك عدم طول مدته. ينافيه ما سيأتي عن البنباني من أن عصر خلافة الثلاثة لم يكن زمان ظهور علومهم، بل إن اشتغالهم بأمور الخلافة حال دون إفادة الأمة وتعليمهم، وأن ذلك هو السبب في رجوعهم إلى أمير المؤمنين عليه السلام. فإن بين هذين الزعمين من التضاد ما لا يخفى على أهل السداد والرشاد.
والثالث: سلمنا أن السبب في عدم اشتهار علمه عدم طول مدته بعد الاحتياج إليه، إلا أن هذا لا يحقق غرض السمهودي، لأنه إن لم يشتهر علمه فلا أقل من عدم اشتهار جهله وضلاله، ولكن المتتبع للأخبار والآثار يعلم جيدا بكثرة الموارد التي ظهر فيها جهل أبي بكر وعدم علمه بالأحكام الشرعية، وقد