ثم إن الكردري أورد طعن الغزالي صاحب (المنخول) في أبي حنيفة في الفصل الأول من كتابه وذكر أن الغزالي " ردد أمر أبي حنيفة - رحمه الله - بين أن يكون جاهلا ومجنونا. وبين كونه كافرا زنديقا " فقال:
" فهذا اعتقادهم في إمام الأئمة وسراج الأمة، فكيف في أتباعه ومقلدي مذهبه، من الأمراء والسلاطين وقواد عساكر المسلمين والفقهاء منهم والمدرسين؟
واعتقادهم في أتباعه ما نص عليه من وصفهم به، من شدة الغباوة وقلة الدراية وشدة الخذلان، فإن حواسهم فاسدة غير سليمة وعقولهم وأنظارهم غير سديدة ".
ثم قال: " ثم لا يستحيون ويظهرون في وجوه أتباعه من الأمراء والقضاة والولاة من الاطراء ما يزيد على الصديق وعمر الفاروق ".
قال: " ثم إن الله تعالى عز وجل أظهر كرامة أبي حنيفة - رحمه الله - بأن سلط على هذا الطاعن فيه رؤساء مذهبه وعملائهم، فقابلوه على طعنه بأن شهدوا عليه بالإلحاد والزندقة والتزوير والمخرقة عند السلطان سنجر، وأفتوا بإباحة دمه ووجوب قتله... " (1).
أقول: وهكذا حال الجاحظ وشأنه مع مولانا أمير المؤمنين - عليه السلام - وعليه ينطبق جميع ما قاله الكردري في حق الغزالي، وكذا على من كان على شاكلته.
6) يستند إلى أقوال العلماء في فنونهم قد علمت أن مدح الشريف الرضي - رحمه الله - للجاحظ لم يكن مدحا على حقيقته، بل كان مدح إلزام وإفحام...
ثم نقول: إنه لا مانع من أن يكون مدحا واقعيا، وأن يكون استناد الشريف إلى كلام الجاحظ في معرفة كلام الإمام - عليه السلام - استنادا حقيقيا