فإن ابن أبي داود والجاحظ لو صرحا بالخلاف لسقط خلافهما بما ذكرناه من الإجماع، خصوصا بالذي لا شبهة فيه من تقدم الإجماع وفقد الخلاف وقد سبقهما ثم تأخر عنهما.
على أنه قد قيل: إن ابن أبي داود لم ينكر الخبر، وإنما أنكر كون المسجد الذي بغدير خم متقدما، وقد حكي عنه التنصل من القدح في الخبر والتبري مما قذفه به محمد بن جرير الطبري.
وأما الجاحظ فلم يتجاسر أيضا على التصريح بدفع الخبر، وإنما طعن على بعض رواته، وادعى اختلاف ما نقل من لفظه.
ولو صرح الجاحظ والسجستاني وأمثالهما بالخلاف لم يكن قادحا لما قدمناه " (1).
3. استدلال الرازي يخالف قواعد البحث ولو سلمنا ما حكي من قدح ابن أبي داود في حديث الغدير، فإنه لا وجه لتمسك الرازي بذلك، لأنه خروج عن قواعد البحث وآداب المناظرة، إذ قد تقرر في علم المناظرة أن يتخذ المخاصم من أقوال خصمه وتصريحات أصحابه وأبناء طائفته دليلا على الرد، لا أن يعتمد المخاصم على ما ذكره أهل مذهبه وعلماء نحلته لأجل أن يخصم بذلك خصمه...
وعلى هذا الأساس التزم (الدهلوي) في مقدمة (التحفة) ومن قبله والده في (قرة العينين) بعدم الاحتجاج بروايات أهل السنة، حتى من البخاري وغيره من صحاحهم في محاجة الإمامية... ولكنهما - مع الأسف - خالفا ما التزما ولم يفيا بما وعدا...