لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين} (1).
وقد تعجب الكثير من جرأة عمر في بيعته لأبي بكر في السقيفة، فقد قال ابن أبي الحديد المعتزلي: قال النقيب:
ومما جرأ عمر على بيعة أبي بكر، والعدول عن علي وما كان يسمعه من رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أمره. أنه أنكر مرارا على الرسول (صلى الله عليه وآله) أمورا من الأمور التي كان يرى فيها المصلحة، مما هي خلاف النص وذلك نحو إنكاره عليه في الصلاة على عبد الله بن أبي المنافق، وإنكاره: فداء أسارى بدر، وإنكاره عليه تبرج نسائه للناس، وإنكاره قضية الحديبية، وإنكاره أمان العباس لأبي سفيان بن حرب، وإنكاره واقعة أبي حذيفة بن عتبة، وإنكاره أمره بالنداء من قال لا إله إلا الله دخل الجنة، وإنكاره أمره بذبح النواضح، وإنكاره على النساء بحضرة رسول الله (صلى الله عليه وآله) هيبتهن له دون رسول الله (صلى الله عليه وآله)، إلى غير ذلك من أمور كثيرة تشتمل عليها كتب الحديث، ولو لم يكن إلا إنكاره قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) في مرضه: إئتوني بدواة وكتف، أكتب لكم ما لا تضلون بعدي، وقوله ما قال، وسكوت رسول الله (صلى الله عليه وآله) عنه.
وأعجب الأشياء أنه قال ذلك اليوم: حسبنا كتاب الله، فافترق الحاضرون من المسلمين في الدار، فبعضهم يقول: القول ما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وبعضهم يقول: القول ما قال عمر، فقال رسول الله، وقد كثر اللغط وعلت الأصوات:
قوموا عني، فما ينبغي لنبي أن يكون عنده هذا التنازع، فهل بقي للنبوة مزية أو فضل؟!
فمن بلغت قوته وهمته إلى هذا، كيف ينكر منه أن يبايع أبا بكر لمصلحة رآها، ويعدل عن النص، ومن الذي كان ينكر عليه ذلك، وهو في القول الذي قاله للرسول (صلى الله عليه وآله) في وجهه. غير خائف من الأنصار ولا ينكر عليه أحد... وهو أشد