وجاءت قريش في هذه المرة ببطل العرب عمرو بن عبد ود العامري، المعادل لألف فارس في حساباتهم..؟! وكان لوجود هذا البطل المغوار في صفوف قريش الأثر القوي في زيادة معنويات الكفار وضعف معنويات بعض المسلمين.
وشاءت الصدف أن يتمكن فوارس من قريش منهم عمرو عبد ود العامري وعكرمة بن أبي جهل وهبيرة بن أبي وهب، وضرار بن الخطاب ونوفل بن عبد الله المخزومي. من عبور الخندق، وهنا ازداد الرعب في نفوس المسلمين...
وبسبب الشهرة المطبقة للآفاق لهذا الفارس المغوار، فقد جبن المسلمون عن منازلته القتال حين طلب ذلك، وكان أبو بكر وعثمان وعمر بن الخطاب من جملة الخائفين والممتنعين من البراز إليه، إذ ذكر البيهقي في دلائل النبوة، عن ابن إسحاق قال: خرج عمرو بن عبد ود، وهو مقنع بالحديد، فنادى: من يبارز؟ فقام علي بن أبي طالب فقال: أنا لها يا نبي الله. فقال: إنه عمرو، اجلس. ثم نادى عمرو: ألا رجل يبرز؟ فجعل يؤنبهم ويقول: أين جنتكم التي تزعمون أنه من قتل منكم دخلها أفلا تبرزون إلي رجلا؟ فقام علي فقال: أنا يا رسول الله؟ فقال: اجلس. ثم نادى الثالثة، فقال:
ولقد بححت من النداء * بجمعكم هل من مبارز ووقفت إذ جبن المشيع * موقف القرن المناجز ولذاك إني لم أزل * متسرعا قبل الهزائز إن الشجاعة في الفتى * والجود من خير الغرائز قال فقام علي (رضي الله عنه) فقال: يا رسول الله أنا. فقال: إنه عمرو، فقال وإن كان عمرا. فأذن له رسول الله (صلى الله عليه وآله) فمشى إليه، حتى أتى وهو يقول:
لا تعجلن فقد أتاك * مجيب صوتك غير عاجز في نية وبصيرة * والصدق منجى كل فائز