عائشة، ورسول الله مسجى في ناحية البيت، عليه برد حبرة، فأقبل حتى كشف عن وجهه، ثم أقبل عليه فقبله.
ثم قال: بأبي أنت وأمي أما الموتة الأولى فقد ذقتها، ثم لن يصيبك بعدها موته أبدا. ثم رد الثوب على وجهه، ثم خرج وعمر يكلم الناس، فقال: على رسلك يا عمر، فأنصت، فأبى إلا أن يتكلم، فلما رآه أبو بكر لا ينصت، أقبل على الناس، فلما سمع الناس كلامه أقبلوا عليه، وتركوا عمر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس، إنه من كان يعبد محمدا، فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت، ثم تلا هذه الآية: {وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل}. قال: فوالله لكأن الناس لم يعلموا أن هذه الآية نزلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى تلاها أبو بكر يومئذ. قال: وأخذ الناس عن أبي بكر، فإنما هي في أفواههم.
قال عمر: والله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر يتلوها فعقرت (1).
فعمر قال هناك: إن الرسول (صلى الله عليه وآله) لم يمت، بل ذهب إلى ربه كموسى وإن محمدا لا يموت، حتى يظهر دينه على الدين كله.
فإن كان النبي (صلى الله عليه وآله) ذهب إلى ربه مثل موسى، فلماذا نسي جسده في المدينة؟! بينما ذهب موسى مع جسده إلى ربه، وخلف هارون عليهم.
وذكر القرآن أخبارا بوفاة الناس ومنهم محمد (صلى الله عليه وآله): {وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم} (2) و {كل نفس ذائقة الموت} (3)، {إنك ميت وإنهم ميتون} (4)، {فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على