والجهاد، والله العالم.
أرواح الشهداء وتجندها (٦٢٧) عن مسروق: سألنا عبد الله عن هذه الآية: ﴿ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون﴾ (1)، قال: أما إنا سألنا عن ذلك، فقال:
أرواحهم في جوف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش، تسرح من الجنة حيث شاءت ثم تأوي إلى تلك القناديل، فاطلع إليهم ربهم اطلاعة فقال: هل تشتهون شيئا؟ قالوا: أي شئ نشتهي ونحن نسرح من الجنة حيث شئنا، ففعل ذلك بهم ثلاث مرات، فلما رأوا أنهم لن يتركوا من أن يسألوا قالوا: يا رب نريد أن ترد أرواحنا في أجسادنا حتى نقتل في سبيلك مرة أخرى... (2).
أقول: داعيا من الله أن يرزقني الشهادة في سبيله، إنه قد يورد بأن جعل أرواح الشهداء بل مطلق المؤمنين في جوف طير مناف لكرامتهم وإهانة لهم، فلا بد من تأويله (3).
ثم إنه يقال إن المنعم أو المعذب من الأرواح جزء من الجسد تبقى فيه الروح، وهو الذي يتألم ويعذب ويلتذ وينعم، وهو الذي يقول: رب ارجعون. وقد اختلفوا في الروح ما هي اختلافا لا يكاد يحصر كما قيل، فقال أرباب المعاني وعلم الباطن: لا تعرف حقيقتها ولا يصح وصفها لقوله تعالى: (قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا).