أقول: أولا: إن هذا الترخيص (اعملوا ما شئتم) مخالف للعقل والقرآن وأساس التشريع الديني، بل يتناقض مع جميع القوانين الدولية والأعراف العقلائية كما لا يخفى، فالجملة مجعولة كسائر الجعليات. يقول القرآن لسيد البشر وخاتم المرسلين وقائد البدريين والمجاهدين: (إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات..)، (إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم..)، (عبس وتولى أن جاءه الأعمى..) ثم هل يمكن لمسلم يقرأ من القرآن (من قتل مؤمنا متعمدا..) وقرأ (من قتل نفسا... فكأنما قتل الناس جميعا) وغير ذلك ثم يتجرأ لسفك الدماء لأجل الحديث المذكور؟!!!
وثانيا إن كلمة (لعل) في الحديث المذكور يبطل اجتهاد العثماني والبخاري.
وثالثا: إن هذا الاستظهار مخالف للتاريخ والسلوك الفقهي الإسلامي، فإن البادين بالحرب هم مخالفوا علي دونه وهم البغاة، ولا شك أن قتال البغاة جائز أو واجب، فأي حرج على علي في ذلك، وقد تقدم أن قاتل عمار فئة باغية داعية إلى النار وعمار يدعوهم إلى الجنة. فاستناد علي في حروبه هو قوله تعالى: (فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله) دون جملة: (لعل الله أطلع) على أن النبي أخبره بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين.
(285) عن علي بن حسين: إنهم حين قدموا المدينة من عند يزيد بن معاوية مقتل حسين بن علي رحمة الله عليه لقيه المسور بن مخرمة فقال له: هل لك إلي من حاجة تأمرني بها؟
فقلت له: لا.