محمودا، بل إن العلم شطر منه نافع بناء، وشطر منه ضار مهلك، ولهذا السبب حرم الإسلام السعي لإدراك كنه بعض الأمور والخفايا.
وقد ورد مزيد من الإيضاحات لهذا الموضوع في الأحاديث المنقولة في باب " أحكام الجاهل " في هذا الفصل، وفي الفقرة " ما يحرم تعلمه " من أحكام التعلم (1)، وكذا في الفقرة " السؤال عما قد يضر جوابه " من آداب السؤال. (2) 2. الجهل بالمعارف المفيدة لا ريب في أن الإسلام ينظر بعين الاحترام إلى جميع العلوم والمعارف المفيدة ويدعو إلى تعلمها، بل ويوجب ذلك فيما إذا كان المجتمع بحاجة إليها ولم يوجد من به الكفاية لأدائها. (3) إلا أن هذا لا يعني بطبيعة الحال أن الجهل بكل هذه العلوم مذموم بالنسبة للجميع.
وبعبارة أخرى، تدخل الآداب، والصرف، والنحو، والمنطق، والكلام، والفلسفة، والرياضيات، والفيزياء، والكيمياء، وسائر العلوم والفنون الأخرى في خدمة الإنسان، وتحظى باحترام الدين الإسلامي، بيد أنه لا يمكن النظر إلى الجهل بكل هذه العلوم كمصدر لجميع الشرور، واعتباره أشد المصائب، وأعضل الأدواء، وألد الأعداء، وأكبر صور الإملاق، وأن كل من يجهل هذه العلوم أو بعضها هو شر الدواب، وميت بين الأحياء.