فأحسنهم استجابة أحسنهم معرفة لله، وأعلمهم بأمر الله أحسنهم عقلا، وأعقلهم أرفعهم درجة في الدنيا والآخرة.
يا هشام، ما من عبد إلا وملك آخذ بناصيته، فلا يتواضع إلا رفعه الله ولا يتعاظم إلا وضعه الله.
يا هشام، إن لله على الناس حجتين حجة ظاهرة وحجة باطنة، فأما الظاهرة فالرسل والأنبياء والأئمة، وأما الباطنة فالعقول.
يا هشام، إن العاقل الذي لا يشغل الحلال شكره ولا يغلب الحرام صبره.
يا هشام، من سلط ثلاثا على ثلاث فكأنما أعان هواه على هدم عقله:
من أظلم نور فكره بطول أمله، ومحا طرائف حكمته بفضول كلامه، وأطفأ نور عبرته بشهوات نفسه، فكأنما أعان هواه على هدم عقله، ومن هدم عقله أفسد عليه دينه ودنياه.
يا هشام، كيف يزكو عند الله عملك وأنت قد شغلت عقلك عن أمر ربك وأطعت هواك على غلبة عقلك؟!
يا هشام، الصبر على الوحدة علامة قوة العقل، فمن عقل عن الله تبارك وتعالى اعتزل أهل الدنيا والراغبين فيها، ورغب فيما عند ربه [وكان الله] آنسه في الوحشة، وصاحبه في الوحدة، وغناه في العيلة، ومعزه في غير عشيرة.
يا هشام، نصب الخلق لطاعة الله، ولا نجاة إلا بالطاعة، والطاعة بالعلم، والعلم بالتعلم، والتعلم بالعقل يعتقد، ولا علم إلا من عالم رباني، ومعرفة العالم بالعقل.