وكانت السلطة تعلم منهم ذلك وتحسب له حسابه وربما حسبت له أكثر من حسابه، فاتخذت له الحيطة الكاملة، وكثيرا ما تستبد بها الأوهام والظنون فتوسع في تخيلاتها إلى أن هذا البيت ما يزال يعد عدته للعمل على الاستيلاء على السلطة والنهوض بالحكم، وهم يعلمون أن الحكم حق من حقوقه المفروضة.
وكان من وسائل الحيطة التي اتخذتها السلطات على اختلافها محاربة شيعتهم وأتباعهم، وضرب نطاق الحصار الاقتصادي عليهم، ومنع وصول الحقوق والأموال إليهم جهد ما يستطيعون، وجعل العيون والرقباء لإحصاء حتى عدد أنفاسهم، وربما توسعوا فحملوا أئمة أهل البيت (عليهم السلام) إلى عواصمهم ليكونوا تحت الرقابة المباشرة، وقد يدخلونهم السجن، ليحولوا بينهم وبين ما يتخيلونه من نشاط وقد أنهت حياة أكثرهم بالاغتيال والقتل.
وبالبداهة إن فكرة العصمة والأعلمية كانتا من أهم الركائز لفكرة التشيع منذ وجد التشيع لأهل البيت (عليهم السلام) وكان أهل البيت أنفسهم يصرحون بذلك، ومن الطبيعي أن يبعث هذا النوع من التصريح الحزم واليقظة في مدوني التأريخ لتسليط الأضواء على كل ما يتصل بحياتهم الخاصة أو العامة، العثور على شئ من التناقضات بين واقعهم، وما يدعون، لتكون أهم وثيقة بيد السلطة للإجهاز بها على جبهة المعارضة والقضاء عليها بسهولة، وما أيسر الاختلاق لو كان هناك مجال لتزيد واختلاق، ولكن التأريخ - وهو ملك أيديكم فعلا وبوسعكم تتبع أحداثه لم يحتفل - فيما قرأت منه - بتسجيل حادثة واحدة على أحد من أئمة أهل البيت " الاثني عشر (عليهم السلام) " تتنافى مع دعوى العصمة أو الأعلمية.
وهناك شئ - وددت التنبيه عليه - وقد سبق أن نبهت عليه في مبحث سنة