وكتب العلماني مداخلة مطولة عن نشأته مسلما، ثم وقوعه في الشك، ورجوعه إلى الكتاب الغربيين... وأهم ما قاله:
(أكون صادقا لو قلت لك بأني جذل بشكي، أغبط زماني عليه، وأحتفل به وأحتفي ليل نهار، فالشك يبقى مصدر الإبداع الدائم، ووقود التقدم الإنساني ونار المعرفة الحقة.. الشك، وليس العبثي منه بل المنهجي المسؤول الملتزم، هو الذي طالما ارتقى بالإنسان ومنحه هويته وإنجازاته وحضارته.
أما اليقين في حياتنا الإنسانية فهو نوم وخمول وتحجر، يؤدي في نهاية الأمر إلى التراجع المعرفي والتخلف الحضاري والتنبلة الفكرية..
الحضارة يا شيخنا هي تجاوز اليقين النسبي دائما عن طريق الشك، والحقيقة المطلقة التي نبحث عنها هي هدف بعيد المنال، إن لم تكن مستحيلة، لحقائق نسبية نصل إليها خطوة فخطوة عن سبيل الشك فاليقين، فتجاوز اليقين بواسطة الشك، وهكذا دواليك..
لذلك، فانعم يا شيخنا بالهدوء والسكينة والطمأنينة وراحة البال، ودعني أنعم بشكي المنفلت أبدا من قوالب الفكر الجاهزة، أتلذذ باكتشاف الغابات البكر، ومعرفة ما هو في ظهر الغيب....
طلبت مني أمرا إدا.. أقول لك بأن ليس لي موقف حتى الآن من الله، ولا أستطيع أن أضعه في مكانه على " روزنامتي ".
وتقول لي بأن علي أن أحدد موقفا منه.. أنا الذي أتعب من سنين في التفتيش عنه ولم أعثر حتى الآن إلا على قبض الريح أحيانا، وآثارا على رمل الشواطئ أحيانا أخرى، ما أن يلامسها موج البحر حتى تصبح في خبر كان..
لكي نعثر على الله أمامنا طريقان يتقاطعان، أولهما التأمل والتفكير بما نستطيع