وإن نوقش في كونها للتأكيد أو للتأبيد فكفاك شاهدا استدلال أئمتنا عليهم السلام بها على نفي الرؤية مطلقا، لأنهم أفصح الفصحاء طرا باتفاق الفريقين، مع أنا لكثرة براهيننا لا نحتاج إلى الإكثار في دلالة هذه الآية على المطلوب.
وقال في هامشه: قال الرضي في تلخيصه: هذه استعارة على أحد وجهي التأويل وهو أن يكون المعنى: فلما حقق تعالى بمعرفته لحاضري الجبل الآيات التي أحدثها في العلم بحقيقته عوارض الشبه وخوالج الريب، وكأن معرفته سبحانه تجلت لهم من غطاء أو برزت لهم من حجاب.
- شرح الأسماء الحسنى ج 1 ص 185 - 191 واحتج الأشاعرة بحجة عقلية كلامية لا نطيل الكلام بذكرها، وأدلة نقلية منها قوله تعالى حكاية عن موسى عليه السلام: رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني.
والاحتجاج به من وجهين، أحدهما، أن موسى سأل الرؤية فلو استحالت كان سؤاله عليه السلام إما عبثا إن علم المحالية وإما جهلا إن لم يعلم، وكلاهما محالان على النبي ولا سيما أنه كليم الله، كيف والنبي يدعو إلى العقايد الحقة والأعمال الصالحة.
وثانيهما، أنه تعالى علق الرؤية على استقرار الجبل، وهو أمر ممكن في نفسه فكذا ما علق عليه.
واعترض على الأول، بأن سؤال موسى عليه السلام عن لسان قومه بدليل قوله تعالى: لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة، وقوله تعالى: أفتهلكنا بما فعل السفهاء.
وأجيب بأنه مع مخالفته للظاهر حيث لم يقل أرهم ينظروا إليك، وهو فاسد، أما أولا فلأنهم لما قالوا أرنا الله جهرة زجرهم بأخذ الصاعقة فلم يحتج إلى سؤال الرؤية وليس أخذ الصاعقة دليلا لهم لجواز أن يكون ذلك لقصدهم إعجاز موسى عليه السلام عن إتيان ما طلبوه عنادا، أو لعدم قابليتهم بما هم منهمكون في الدنيا، ولذا قال الأشاعرة: المؤمنون يرونه تعالى في الآخرة.