(1) فمنها كتابه عليه السلام (1) إلى قوم من أصحابه، لما كتبوا إليه يعزونه عن ابنة له كتب عليه السلام: أما بعد فقد بلغني كتابكم تعزوني بفلانة فعند الله أحتسبها تسليما لقضائه، وصبرا على بلائه، فإن أوجعتنا المصائب، وفجعتنا النوائب بالأحبة المألوفة التي كانت بنا خفية، والإخوان المحبين الذين كان يسر بهم الناظرون، وتقر بهم العيون، أضحوا قد اخترمتهم الأيام، ونزل بهم
الحمام، فخلفوا الخلوف، وأردت بهم الحتوف، فهم صرعى في عساكر الموتى، متجاورون في غير محلة التجاور، ولا صلات بينهم ولا تزاور، ولا يتلاقون عن قرب جوارهم. أجسامهم نائية من أهلها، خالية من أربابها، قد أخشعها إخوانها فلم أر مثل دارها ولا مثل قرارها قرارا، في بيوت موحشة، وحلول مضجعة، قد صارت من تلك الديار الموحشة، وخرجت عن الدار المؤنسة، ففارقتها من غير قلى، فاستودعتها المبلى، وكانت أمة مملوكة سلكت سبيلا مسلوكة صار إليها الأولون، وسيصير إليها الآخرون والسلام.
____________________
في هذه الرسالة أجاب الإمام الزكي بذكر ما يكون الإنسان معرضا له في الحياة الدنيا من اخترام الموت له، ثم يصير بعد ذلك إليه من خمود الحياة وركود الممات، ووحشة القبر، وظلمة اللحد، وافتراق الأحبة.