(18) ومن خطبه عليه السلام (1) فيما جرى بعد الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) خطب هذه الخطبة وقد وضع يده على عمود يتساند إليه وكان عليلا من شكوى به.
فقال: الحمد لله العزيز الجبار، الواحد القهار، الكبير المتعال، سواء منكم من أسر القول، ومن جهر به، ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار.
أحمده على حسن البلاء، وتظاهر النعماء، وعلى ما أجبنا وكرهنا من شدة ورخاء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، امتن علينا بنبوته، واختصه برسالته، وأنزل عليه وحيه، واصطفاه على جميع خلقه، وأرسله إلى الإنس والجن، حين عبدت الأوثان، وأطيع الشيطان، وجحد الرحمن، فصلى الله عليه، وعلى آله، وجزاه أفضل ما جزى المسلمين.
أما بعد: فإني لا أقول لكم إلا ما تعرفون أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أرشد الله أمره وأعز نصره، بعثني إليكم يدعوكم إلى الصواب، وإلى العمل بالكتاب، والجهاد في سبيل الله، وإن كان في عاجل ذلك ما تكرهون فإن في آجله ما تحبون إنشاء الله، ولقد علمتم أن عليا صلى مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وحده، وأنه يوم صدق به لفي عاشرة من سنه. ثم شهد مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جميع مشاهده، وكان من اجتهاده في مرضاة الله وطاعة