إن عليا لما مضى لسبيله، رحمه عليه يوم قبض، ويوم من الله عليه بالإسلام، ويوم يبعث حيا، ولاني المسلمون الأمر بعده، فأسأل الله أن لا يؤتينا في الدنيا الزائلة شيئا ينقصنا به في الآخرة مما عنده كرامة، وإنما حملني على الكتاب إليك الأعذار فيما بيني وبين الله عز وجل في أمرك ولك في ذلك، إن فعلته الخط الجسيم، والصلاح للمسلمين، فدع التمادي في الباطل، وادخل فيما دخل فيه الناس من بيعتي، فإنك تعلم أني أحق بهذا الأمر منك، وعند الله، وعند كل أواب حفيظ، ومن له قلب منيب، واتق الله،! ودع البغي! واحقن دماء المسلمين! فوالله ما لك خير في أن تلقى الله من دمائهم بأكثر مما أنت لاقيه به، وادخل في السلم والطاعة، ولا تنازع الأمر أهله، ومن هو أحق به منك ليطفئ الله النائرة بذلك، ويجمع الكلمة، ويصلح ذات البين، وإن أنت أبيت إلا التمادي في غيك، سرت إليك بالمسلمين فحاكمتك حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين.
____________________
يذكر الإمام المجتبى في هذه الرسالة لأهل البيت من الفضيلة والشرف قديما وحديثا، كما يذكر ما لاقوه من المحنة والإرهاق من جور غاصبي الخلافة الذين وثبوا على سلطان الرسول بغير حق شرعي، كل ذلك طلبا للدنيا ورغبة عن الآخرة وتمليا من الحطام الزائل.