أما بعد: فمن يؤمن لم بالقدر خيره وشره إن الله يعلمه فقد كفر، ومن أحال المعاصي على الله فقد فجر، إن الله لم يطع مكرها، ولم يعص مغلوبا، ولم يهمل العباد سدى من المملكة، بل هو المالك لما ملكهم والقادر على ما عليه أقدرهم، بل أمرهم تخييرا، ونهاهم تحذيرا، فإن ائتمروا بالطاعة لم يجدوا عنها صادا، وأن انتهوا إلى معصية فشاء أن يمن عليهم بأن يحول بينهم وبينها فعل، وإن لم يفعل، فليس هو الذي حملهم عليها جبرا، ولا ألزموها كرها بل من عليهم بأن بصرهم وعرفهم وحذرهم وأمرهم ونهاهم لا جبلا لهم على ما أمرهم به فيكونوا كالملائكة، ولا جبرا لهم على ما نهاهم عنه، ولله الحجة البالغة، فلو شاء لهداكم أجمعين والسلام على من اتبع الهدى.
____________________
في هذه الرسالة يذكر الإمام الحسن عليه السلام صفات الله تعالى ونعوته تعريفا له سبحانه إلى الناس كما هو واجب الأنبياء والأئمة والمرشدين، كما بين عليه السلام. لا جبر في الطاعة، وإنما الناس مختارون فيما يفعلون من امتثال أوامر الله ورسوله وارتداعهم عن معصيته وقد أرشد الإمام الحسن عليه السلام بكتابه هذا الحسن البصري، وبين الحق، كي لا يكون للناس على الله الحجة.