(38) ومن خطبه عليه السلام لما تم
الصلح قال عليه السلام: أيها الناس إن أكيس الكيس التقي، وأحمق الحمق الفجور، وإنكم لو طلبتم ما بين جابلق وجابرس رجلا جده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما وجدتموه غيري، وغير أخي
الحسين عليه السلام، وقد علمتم أن الله هداكم بجدي
محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فأنقذكم به من الضلالة، ورفعكم به من الجهالة وأعزكم بعد الذلة وكثركم بعد القلة، وأن معاوية نازعني حقا هو لي دونه، فنظرت لصلاح الأمة، وقطع الفتنة، وقد كنتم بايعتموني على أن تسالموا من سالمني، وتحاربوا من حاربني فرأيت أن أسالم لمعاوية، وأضع
الحرب بيني وبينه، وقد بايعته ورأيت أن أحقن دماء المسلمين خير من سفكها ولا أريد بذلك إلا صلاحكم، وبقاءكم، وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين.
ثم نزل وتوجه بعد ذلك إلى المدينة وأقام بها.
وكانت مدة خلافته إلى أن صالح معاوية ستة أشهر وثلاثة أيام، وقيل خمسة أيام.
____________________
أعرب الإمام الحسن المجتبى عليه السلام في هذه الخطبة عن سبب نزوله عن الإمارة وأنه لم يكن إلا لحقن دماء المسلمين عن الضياع، وإن كان الحق له، وأن معاوية غاصب للإمارة والخلافة وليس له قابلية لذلك لدناءة نفسه وخسة طبعه وضعة أصله وخبث عنصره وجهله بمعالم الدين والمعارف الإلهية، ويشير الإمام عليه السلام إلى أن هذا الأمر كان فتنة ليمتحن الله بها الناس، من الذين في قلوبهم زيغ.