وأما أنت يا ابن العاص فإن أمرك مشترك، وضعتك أمك مجهولا من عهر وسفاح فتحاكم فيك أربعة من قريش فغلب عليك جزارها ألأمهم حسبا، وأخبثهم منصبا، ثم قام أبوك فقال: أنا شانئ محمد الأبتر، فأنزل فيه ما أنزل، وقاتلت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في جميع المشاهد، وهجوته وآذيته بمكة، وكدته كيدك كله، وكنت من أشد الناس له تكذيبا وعداوة، ثم خرجت تريد النجاشي مع أصحاب السفينة لتأتي بجعفر وأصحابه إلى أهل مكة، فلما أخطأك ما رجوت ورجعك الله خائبا وأكذبك واشيا، جعلت حدك على صاحبك عمارة بن الوليد فوشيت به إلى النجاشي حسدا لما ارتكب من حليلته ففضحك الله وفضح صاحبك، فأنت عدو بني هاشم في الجاهلية والإسلام ثم إنك تعلم وكل هؤلاء الرهط يعلمون أنك هجوت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بسبعين بيتا من الشعر، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) اللهم إني لا أقول الشعر ولا ينبغي لي، اللهم العنه بكل حرف ألف لعنة فعليك إذا من الله ما لا يحصى من اللعن، وأما ما ذكرت من أمر عثمان فأنت سعرت عليه الدنيا نارا، ثم لحقت بفلسطين، فلما أتاك قتلته، قلت أنا أبو عبد الله إذا نكأت قرحة أدميتها ثم حبست نفسك إلى معاوية، وبعت دينك بدنياه فلسنا نلومك على بغض ولا نعاتبك على ود، وبالله ما نصرت عثمان حيا، ولا غضبت له مقتولا، ويحك يا ابن العاص ألست القائل في بني هاشم لما خرجت من مكة إلى النجاشي:
تقول ابنتي أين هذا الرحيل * وما السير مني بمستنكر فقلت ذريني فإني امرؤ * أريد النجاشي في جعفر لأكويه عنده كية * أقيم بها نخوة الأصفر وشانئ أحمد من بينهم * وأقولهم فيه بالمنكر