عليكم.
وخطبهم أبو أيوب الأنصاري فقال: عباد الله إنا وإياكم على الحال الأولى التي كنا عليها، ليست بيننا وبينكم فرقة فعلام تقاتلوننا؟ فقالوا: إن تابعناكم اليوم حكمتم غدا. فقال: فإني أنشدكم الله لا تجعلوا فتنة العام مخافة ما يأتي في القابل. وأتاهم علي رضي الله عنه فقال: أيتها العصابة التي أخرجها عداوة المراء واللجاج، وصدها عن الحق الهوى، وطوح بها وأصبحت في الخطب العظيم إني نذير لكم أن تصبحوا تلعنكم الأمة غدا صرعى بأثناء هذا النهر، وبأهضاب هذا الغائط بغير بينة من ربكم ولا برهان مبين، ألم تعلموا إني نهيتكم عن الحكومة، ونبأتكم أنها مكيدة، وأن القوم ليسوا بأصحاب دين فعصيتموني فلما فعلتم أخذت على الحكمين، واستوثقت أن يحييا ما أحيا القرآن، ويميتا ما أمات القرآن، فاختلفا وخالفا حكم الكتاب، فنبذنا أمرهما، فنحن على الأمر الأول فمن أين أتيتم؟ قالوا: إنا حكمنا فلما حكمنا أثمنا وكنا بذلك كافرين، وقد تبنا فإن تبت فنحن معك ومنك، فإن أبيت فإنا منابذوك على سواء. قال علي: أصابكم حاصب، ولا بقي منكم وابر وأبعد إيماني برسول الله صلى الله عليه وسلم وهجرتي معه، وجهادي في سبيل الله، أشهد على نفسي بالكفر؟
قد ضللت إذن وما أنا من المهتدين. [ثم انصرف عنهم].
وقيل: كان من كلامه يا هؤلاء إن أنفسكم قد سولت لكم فراقي بهذه الحكومة التي أنتم بدأتموها وسألتموها وأنا لها كاره، وأنبأتكم أن القوم إنما طلبوها مكيدة ووهنا، فأبيتم على إباء المخالفين وعندتم عنود النكداء العاصين، حتى صرفت رأيي إلى رأيكم رأي معاشر والله أخفاء الهام، سفهاء الأحلام فلم آت لا أبا لكم هجرا.
والله ما حلت عن أموركم، ولا أخفيت شيئا من هذا الأمر عنكم، ولا أوطأتكم عشوة، ولا ارتكبت لكم ضرا، وإن كان أمرنا لأمر المسلمين ظاهرا، فأجمع رأي ملئكم إن اختاروا رجلين، فأخذنا عليهما أن يحكما بالحق ولا يعدواه، فتركا الحق وهما يبصرانه، وكان الجور هواهما، والتقية دينهما حتى خالفا سبيل الحق وأتيا بما