لا يعرف. فبينوا لنا بم تستحلون قتالنا، والخروج عن جماعتنا، وتضعون سيوفكم على عواتقكم ثم تستعرضون الناس: تضربون رقابهم، إن هذا لهو الخسران المبين.
والله لو قتلتم على هذا دجاجة لعظم عند الله قتلها، فكيف بالنفس التي قتلها عند الله حرام؟
فتنادوا: أن لا تخاطبوهم، ولا تكلموهم، وتهيئوا للقاء الله، الرواح الرواح إلى الجنة، فرجع علي عنهم.
ثم إنهم قصدوا جسر النهر فظن الناس أنهم عبروه فقال علي: لن يعبروه وأن مصارعهم لدون الجسر. والله لا يقتلون منكم عشرة، ولا يسلم منهم عشرة. فتعبأ الفريقان للقتال، فناداهم أبو أيوب فقال: من جاء [تحت] هذه الراية فهو آمن، ومن انصرف إلى الكوفة، أو إلى المدائن، وخرج من هذه الجماعة فهو آمن فانصرف فروة بن نوفل الأشجعي في خمسمائة فارس، وخرجت طائفة أخرى متفرقين فبقي مع عبد الله بن وهب ألف وثمانمائة فزحفوا إلى علي وبدأوه بالقتال، وتنادوا: الرواح الرواح إلى الجنة، فاستقبلهم الرماة من جيش علي بالنبل والرماح والسيوف، ثم عطفت عليهم الخيل من الميمنة والميسرة وعليها أبو أيوب الأنصاري، وعلى الرجالة أبو قتادة الأنصاري.
فلما عطفت عليهم الخيل والرجال، وتداعى عليهم الناس، ما لبثوا أن أناموهم فأهلكوا في ساعة واحدة، فكأنما قيل لهم: موتوا. فماتوا. وقتل ابن وهب.
وحرقوص وسائر سراتهم، وفتش علي في القتلى والتمس المخدج الذي وصفه النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الخوارج فوجده في حفرة على شاطئ النهر، فنظر إلى عضده فإذا لحم مجتمع كثدي المرأة وحلمة عليها شعرات سود، فإذا مدت امتدت حتى تحاذي يده الطولى. فلما رآها قال: والله ما كذبت ولا كذبت والله لولا أن تنكلوا عن العمل لأخبرتكم بما قضى الله على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم لمن قاتلهم متبصرا في قتالهم، عارفا للحق الذي نحن عليه. وقال حين مر بهم وهم