في علي قبل التحكيم وبعده؟ قال: أقول إنه أعلم بالله منكم، وأشد توقيا على دينه، وأنفد بصيرة. فقالوا: إنك تتبع الهوى، وتوالي الرجال على أسمائها لا على أفعالها، والله لنقتلنك قتلة ما قتلناها أحدا، فأخذوه وكتفوه.
ثم أقبلوا به وبامرأته وهي حبلى [متم] فنزلوا تحت نخل مثمر فسقطت منه رطبة فأخذها أحدهم فتركها في فيه، وقال آخر: أخذتها بغير حلها، وبغير ثمن، فألقاها ثم مر بهم خنزير فضربه أحدهم بسيفه فقالوا له: هذا فساد في الأرض، فلقي صاحب الخنزير - وهو من أهل الذمة - فأرضاه.
فلما رأى ذلك ابن خباب قال: لئن كنتم صادقين فيما أرى فما علي من بأس ما أحدثت في الإسلام حدثا ولقد أمنتموني فأضجعوه وذبحوه وأقبلوا إلى المرأة فقالت: أنا امرأة ألا تتقون الله؟ فبقروا بطنها وقتلوا أم سنان الصيداوية، وثلاثا من النساء. فلما بلغ ذلك عليا بعث الحارث بن مرة العبدي يأتيه بالخبر، فلما دنا منهم قتلوه. فألح الناس على علي في قتالهم وقالوا: نخشى أن يخلفونا في عيالنا وأموالنا فسر بنا إليهم. وكلمه الأشعث بمثل ذلك واجتمع الرأي على حربهم، وسار علي يريد قتالهم، فلقيه منجم في مسيره فأشار عليه أن يسير في وقت مخصوص، وقال: إن سرت في غيره لقيت أنت وأصحابك ضررا شديدا.
فخالفه علي فسار في الوقت الذي نهاه عنه، فلما وصل إليهم قال: ارفعوا إلينا قتلة إخواننا نقتلهم ونترككم فلعل الله يقبل بقلوبكم ويردكم إلى خير مما أنتم عليه.
فقالوا: كلنا قتلهم، وكلنا مستحل لدمائهم ودمائكم. وخرج إليهم قيس بن سعد بن عبادة: فقال: عباد الله أخرجوا إلينا طلبتنا منكم وادخلوا في هذا الأمر الذي خرجتم منه، وعودوا بنا إلى قتال عدونا، فإنكم ركبتم عظيما من هذا الأمر تشهدون علينا بالشرك وتسفكون دماء المسلمين. فقال له عبد الله بن شجر السلمي: إن الحق قد أضاء لنا فلسنا متابعيكم أو تأتونا بمثل عمر. فقال: ما نعلم غير صاحبنا فهل تعلمونه فيكم؟
قالوا: لا. قال: نشدتكم الله في أنفسكم أن تهلكوها فإني لا أرى الفتنة إلا وقد غلبت