الخوارج: زرعة بن المرح الطائي، وحرقوص بن زهير السعدي، وقالا له: لا حكم إلا لله [فقال علي: لا حكم إلا لله]. فقالا له: تب من خطيئتك، وارجع عن قضيتك، واخرج بنا إلى عدونا نقاتله حتى نلقى ربنا. فقال علي: قد أردتكم على ذلك فعصيتموني [و] قد كتبنا بيننا وبين القوم كتابا، وشرطنا شروطا، وأعطينا عهودا، وقد قال الله تعالى: (وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم) فقال حرقوص: ذلك ذنب ينبغي أن تتوب منه! [ف] - قال علي: ما هو ذنب، ولكنه عجز من الرأي وقد نهيتكم عنه.
[ف] - قال زرعة: يا علي لئن لم تدع تحكيم الرجال لأقاتلنك أطلب وجه الله. فقال له علي: بؤسا لك ما أشقاك كأني بك قتيلا تسفى عليك الرياح. قال: وددت لو كان ذلك، وخرجا من عنده يقولان: لا حكم إلا لله. وخطب علي ذات يوم فقالوها في جوانب المسجد، فقال علي: الله أكبر كلمة حق يراد بها باطل. فوثب يزيد بن عاصم المحاربي فقال: الحمد لله غير مودع ربنا، ولا مستغن عنه، اللهم إنا نعوذ بك من إعطاء الدنيئة في ديننا، فإن إعطاء الدنيئة في الدين إدهان في أمر الله وذل راجع بأهله [إلى سخط الله]. يا علي، أبالقتل تخوفنا؟ أما والله إني لأرجو أن نضربكم بها عما قليل غير مصفحات ثم لتعلم أينا أولى بها صليا.
وخطب علي يوما آخر، فقال رجلان في المسجد: لا حكم إلا لله، يريدون بهذا إنكار المنكر على زعمهم فقال علي: الله أكبر كلمة حق أريد بها باطل! أما إن لكم علينا ثلاثا ما صحبتمونا: لا نمنعكم مساجد الله أن تذكروا فيها اسمه، ولا نمنعكم الفئ ما دامت أيديكم مع أيدينا، ولا نقتلكم حتى تبدأونا، وإن ننتظر فيكم أمر الله. ثم عاد إلى مكانه من الخطبة.
ثم إن الخوارج لقي بعضهم بعضا واجتمعوا في منزل عبد الله بن وهب الراسبي، فخطبهم وزهدهم في الدنيا وأمرهم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ثم قال:
اخرجوا بنا من هذه القرية الظالم أهلها إلى بعض كهوف الجبال أو إلى بعض هذه