وكتب للخوارج:
من عبد الله علي أمير المؤمنين، إلى زيد بن حصين وعبد الله بن وهب ومن معهما من الناس، أما بعد، فإن هذين الرجلين اللذين ارتضيتما حكمين قد خالفا كتاب الله، واتبعا أهواءهما بغير هدى من الله، فلم يعملا بالسنة ولن ينفذا للقرآن حكما، فبرئ الله منهما ورسوله والمؤمنون، فإذا بلغكم كتابي هذا فاقبلوا إلينا فإنا سائرون إلى عدونا وعدوكم ونحن على الأمر الأول الذي كنا عليه.
فكتبوا إليه: أما بعد فإنك لم تغضب لربك وإنما غضبت لنفسك، فإن شهدت على نفسك بالكفر، واستقبلت التوبة، نظرنا فيما بيننا وبينك، وإلا فقد نابذناك على سواء.
إن الله لا يحب الخائنين.
فلما قرأ كتابهم أيس منهم، ورأى أن يدعهم ويمضي بالناس إلى قتال أهل الشام.
فقام في الكوفة فندبهم إلى الخروج معه، وخرج معه أربعون ألف مقاتل، وسبعة عشر من الأبناء وثمانية آلاف من الموالي والعبيد. وأما أهل البصرة فتثاقلوا، ولم يخرج منهم إلا ثلاثة آلاف، وبلغ عليا أن الناس يرون قتال الخوارج أهم وأولى، قال لهم علي: دعو هؤلاء، وسيروا إلى قوم يقاتلونكم كيما يكونوا جبارين ملوكا، ويتخذوا عباد الله خولا. فناداه الناس: أن سر بنا يا أمير المؤمنين حيث أحببت.
ثم إن الخوارج استعر أمرهم، وبدأوا بسفك الدماء، وأخذ الأموال وقتلوا عبد الله ابن خباب صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجدوه سائرا بامرأته على حمار فانتهروه وأفزعوه، ثم قالوا له: من أنت؟ فأخبرهم. قالوا: حدثنا عن أبيك خباب حديثا سمعه من رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم تنفعنا به. فقال حدثني أبي عن رسول الله صلى الله عليه تعالى وسلم قال: إنه ستكون فتنة يموت فيها قلب الرجل كما يموت بدنه، يمسي مؤمنا ويصبح كافرا، ويصبح كافرا ويمسي مؤمنا. قالوا: لهذا سألناك، فما تقول في أبي بكر وعمر؟ فأثنى عليهما خيرا. فقالوا: ما تقول في عثمان في أول خلافته وفي آخرها؟ قال: إنه كان محقا في أولها وآخرها. قالوا: فما تقول