فكيف بأمة محمد صلى الله تعالى عليه وسلم [ف] - قالوا له: ما جعل الله حكمه إلى الناس وأمرهم بالنظر فيه فهو إليهم، وما حكم فأمضى فليس للعباد أن ينظروا فيه [حكم] في الزاني مائة جلدة، وفي السارق القطع، فليس للعباد أن ينظروا في هذا.
قال ابن عباس: فإن الله تعالى يقول: (يحكم به ذوا عدل منكم) قالوا: [أو] تجعل الحكم في الصيد والحرث، وبين المرأة وزوجها، كالحكم في دماء المسلمين؟ وقالوا له: أعدل عندك عمرو بن العاص وهو بالأمس يقاتلنا؟ فإن كان عدلا فلسنا بعدول وقد حكمتم في أمر الله الرجال، قد أمضى الله حكمه في معاوية وأصحابه أن يقتلوا أو يرجعوا، وقد كتبتم بينكم وبينهم كتابا، وجعلتم بينكم وبينهم الموادعة، وقد قطع الله الموادعة بين المسلمين وأهل الحرب منذ نزلت براءة إلا من أقر بالجزية. فجاء علي وابن عباس يخاصمهم فقال: إني نهيتك عن الكلام حتى آتيك.
ثم تكلم رضي الله تعالى عنه فقال: اللهم هذا مقام من يفلج فيه كان أولى بالفلج يوم القيامة. وقال لهم: من زعيمكم؟ قالوا: ابن الكواء. فقال: فما أخرجكم علينا، قالوا: حكومتك يوم صفين. قال: أشهدكم الله أتعلمون أنهم حين رفعوا المصاحف، وملتم بجنبهم، قلت لكم إني أعلم بالقوم منكم، إنهم ليسوا بأصحاب دين وذكرهم مقالته. ثم قال: وقد اشترطتم على الحكمين أن يحييا ما أحيا القرآن، ويميتا ما أمات القرآن، فإن حكما بحكم القرآن فليس لنا أن نخالف وإن أبيا فنحن من حكمهما براء. قالوا فخبرنا أتراه عدلا تحكيم الرجال في الدماء؟ قال: إنا لسنا حكمنا الرجال، إنما حكمنا القرآن، إنما هو خط مسطور بين دفتين [لا ينطق] وإنما يتكلم به الرجال. قالوا: فخبرنا عن الأجل لم جعلته بينكم؟ قال: ليعلم الجاهل، ويثبت العالم، ولعل الله عز وجل يصلح في هذه الهدنة هذه الأمة فاخلوا مصركم رحمكم الله، فدخلوا من عند آخرهم.
فلما جاء الأجل، وأراد علي أن يبعث أبا موسى للحكومة، أتاه رجلان من