وشهدت المائة الثانية من عمر الدولة دولا قادمة من خراسان تستقل بممالكها أو تحكم الدولة العباسية كلها: بني سامان (261 - 389) يحكمون في الشرق من خراسان من عهد المستعين (248) والدولة الصفارية في عهد المعتز (252) ثم بني بويه (324 - 423) يحكمون فارس والري وأصفهان والجبل. ولم تنشأ دولة عربية إلا في الموصل وديار بكر وربيعة وهي دولة بني حمدان (317 - 385).
وقال أيضا في ص 317:
العدل ونزاهة الحكم:
في حياة علي ومبادئه، وخطبه وأقضيته، عن هذين، ما لا نظير له في أي عصر، والمقام يضيق عن الاستقصاء. فحسبنا أن نقف قليلا عند فقرات من عهده لمالك بن الحارث (الأشتر النخعي) فهذا عهد مقطوع القرين في شكله وموضوعه، في التراث العالمي والإسلامي، وبخاصة في السياسة الإسلامية، والحكم الصالح، سواء في صياغته أو محتوياته.
وهذا العهد يضع اسم علي في ذروة المؤسسين للدول واضعي الدساتير حيث يتكلم عما يسمى في الدساتير العصرية بالمقومات الأساسية، وواجبات الولاة نحو الأمة، وطريقة قيامهم بحقوق الجماعة، بالتفصيل اللازم. والتنبيه على ملء الفراغ، فيما سكت عنه، بالرجوع إلى أصل الشريعة: القرآن والسنة.
ولقد تتابعت على هذا العهد شروح الأئمة من بعد، فرأينا لزين العابدين في رسالة الحقوق تفصيلات جديدة يقتضيها الزمان. وشهدنا الإمام جعفر الصادق يضيف التطبيق، والتفصيل الدقيق، لما تضمنته رسالة زين العابدين وعهد علي فيجعل من تنفيذها وشروحه لهما، عهدا جديدا للمسلمين وللشيعة، تبلع به مجتماعتهم أو دولهم مبالغها كما التزموها أو قاربوا الالتزام بهما.
يبدأ عهد علي بتحديد مهمة الوالي حين ولاه مصر، جباية خراجها وجهاد عدوها