قضيت بسنة وحكمت عدلا * ولم ترث الحكومة من بعيد وإبراهيم بن هشام خال الخليفة هشام بن عبد الملك.
وسأل هشام جليسه في فاتحة القرن الثاني للهجرة عن فقهاء الأمصار. قال: من فقيه المدينة؟ قال: نافع مولى ابن عمر. قال: فمن فقيه أهل مكة؟ قال: عطاء بن أبي رباح. قال: مولى أم عربي؟ قال: مولى. قال: فمن فقيه اليمن؟ قال: طاوس بن كيسان. قال: مولى أم عربي، قال: مولى. قال: فمن فقيه أهل اليمامة؟ قال: يحيى ابن أبي كثير. قال: مولى أم عربي؟ قال: مولى. قال فمن فقيه أهل الشام؟ قال:
مكحول. قال: مولى أم عربي؟ قال: مولى. قال: فمن فقيه أهل الجزيرة؟ قال:
ميمون بن مهران. قال: مولى أم عربي؟ قال: مولى. قال: فمن فقيه أهل الجزيرة؟
قال: الضحاك بن مزاحم. قال: مولى أم عربي؟ قال مولى. قال: فمن فقيه أهل البصرة؟ قال: الحسن وابن سيرين. قال: موليان أم عربيان؟ قال: موليان. قال: قال فمن فقيه أهل الكوفة؟ قال: إبراهيم النخعي. قال: مولى أم عربي؟ قال: عربي قال: كادت نفسي تزهق ولا تقول واحد عربي.
ومن هذا التعصب للعرق وتمييز الغرب ثار من عدا العرب في خراسان (ما وراء العراق حتى وسط آسيا) وأجاء أهل خراسان بني العباس إلى الخلافة بشعارين يكمل كل منهما الآخر: إعادة حكم الدين وتولية أهل البيت، مساواة الموالي والعرب.
وانطبعت الدولة العباسية في أغلب أمرها بطابع غير عربي.
يقول الجاحظ عن المائة الأولى من عمرها: دولتهم أعجمية خراسانية، ودولة بني أمية عربية أعرابية.
وكان مؤسسوا الدولة العباسية يشيرون إلى خراسان على أنها باب الدولة.
وفي خواتيم المائة الأولى حاول الرشيد أن يستعيد مقاليد الأمور من الفرس فكانت مصارع البرامكة، فلم يلبث الفرس إلا سنين حتى قتلت جيوشهم الأمين العرب الأب والأم وجاءوا بالمأمون إلى عرش الخلافة وأمه خراسانية.