الأخذ بمحكم كتابه والرد إلى الرسول الأخذ بسنته الجامعة غير المفرقة.
ويقرن القانون الإلهي بالقاضي كما يتطلبه الإسلام فيعقب على ما سبق بقوله عن صميم القضاء: ثم اختر بين الناس أفضل رعيتك في نفسك ممن لا تضيق به الأمور، ولا تحكمه الخصوم، ولا يتمادى في الزلة، ولا يحصر عن الفئ إلى الحق إذا عرفه، ولا تشرف نفسه على طمع، ولا يكتفي بأدنى فهم دون أقصاه: أوقفهم في الشبهات، وآخذهم بالحجج، وأقلهم تبرما بمراجعة الخصم، وأصبرهم على تكشيف الأمور، وأصرمهم عند اتضاح الحكم ممن لا يزدهيه إطراء ولا يستميله إغراء. وأولئك قليل.
ثم أكثر تعاهد قضائه وأفسح له في البذل ما يزيح علته وتقل حاجته إلى الناس، وأعطه من المنزلة لديك ما لا يطمع فيه غيره من خاصتك، ليأمن بذلك اغتيال الرجال له عندك.
ولئن كانت رسالة عمر إلى أبي موسى الأشعري قد جمعت جمل الأحكام في كلمات مختصرة، لا يجد محق عنها معدلا، إن عهد علي للأشتر كان في زمان مختلف، فجاء جامعا، بل مضيفا في الموضوع الذي وردت في رسالة عمر أمورا شتى يحتاجها زمان علي وكل زمان بعده.
وورود القانون، والدعوى، واختيار القاضي، وسلوكه، وطريقة القضاء، واستقلال القضاء، في فقرتين بين فقرات ذلك العهد، مظهر من مظاهر شموله واتساع نطاقه، وأسباب خلوده.
أما الإدارة العامة عمال الوالي ففيهم يقول أمير المؤمنين: انظر في أمور عمالك فاستعملهم اختيارا ولا تولهم محاباة وأثرة، وتوخ منهم أهل التجربة والحياء من أهل البيوتات الصالحة والقدم في الإسلام، فإنهم أكرم أخلاقا وأصح أعراضا، ثم أسبغ عليهم الأرزاق فإن ذلك قوة لهم على استصلاح أنفسهم، وغنى لهم عن تناول ما تحت أيديهم، وحجة عليهم إن خالفوا أمرك أو خانوا أمانتك، ثم تفقد أعمالهم.