علم أنه لا يعزب عن الباري مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء لامتناع علم المخلوق وجهل الخالق.
الخامس: إن من عرف أن النفس ليست إلى شئ من الجسد أقرب منها إلى شئ بحسب العلم والاطلاع علم أن الله بالنسبة إلى المخلوقات كذلك بذاك المعنى.
السادس: إن من عرف أن النفس موجودة قبل البدن باقية بعده عرف أن ربه كان موجودا قبل العالم ويبقى بعده لم يزل ولا يزال.
السابع: من عرف أن نفسه لا يدرك كنه ذاتها ولا حقيقة كيفيتها عرف أن ربه تعالى كذلك بطريق أولى فكأنه علق محالا على محال.
الثامن: من عرف أن نفسه لا يعرف لها مكان ولا يعلم لها أينية عرف أن ربه منزه عن المكان والأينية بالأولوية.
التاسع: إن من عرف نفسه لا تحس ولا تجس ولا تدرك إلا بالعقل عرف أن ربه سبحانه منزه عن ذلك كذلك.
العاشر: إن من عرف أن نفسه لا تدرك بالبصر ولا تمثل بالصور عرف أن ربه سبحانه لا تدركه الأبصار ولا تمثله الأفكار.
الحادي عشر: إن من عرف نفسه بصفات النقص عرف ربه بصفات الكمال لاستحالة تساوي الخالق والمخلوق ووجوب كمال الخلائق.
الثاني عشر: إن من عرف نفسه أنها أمارة بالسوء عصاها وجاهدها واشتغل بالعبادة والعمل الصالح فانتفع بمعرفة ربه أي عرف ربه معرفة صحيحة ومن لم يعرف نفسه بهذه المعرفة ولم يعمل بمقتضاها فكأنه لم يعرف ربه وهذا وجملة مما سبق خطر بالخاطر الكليل الفاتر.