الفصل الثاني عشر في تأويل ما تعلقوا به من الحديث القدسي وما تقرب إلي عبدي بشئ أحب إلي مما افترضت عليه وإنه ليتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ولسانه الذي ينطق به ويده الذي يبطش بها إن دعاني أجبته وإن سألني أعطيته (1).
أقول: هذا لا يمكن حملة على ما يدعون من الحلول والاتحاد لاستحالة الدعاء والسؤال ح وسقوط التكليف وامتناع الإجابة وكون غير العارف حتى الكافر أحسن حالا منه لإمكان الإجابة وله معان صحيحة يعرفها كل من مارس حقايق الكلام ومجازاتها التي ورد بها القرآن بل كل من عرف متعارفات الكلام العربي ولنذكر مما يحتمله من المعاني وجوها.
الأول: ما ذكره بعض المعاصرين أن العبد إذا فعل ذلك أدركه الله بلطفه وعنايته بحيث لا ينظر إلى غير ما يرضى الله ولا يسمع ولا ينطق ولا يبطش على غير ما فيه رضاه كما تقول أنا يدك وظهرك وحسامك ونحو ذلك وهذا معنى ظاهر شايع.
الثاني: أن يكون المعنى من فعل ذلك أحببته فكنت ناصره ومؤيده ومعينه ومسدده كسمعه وبصره ولسانه ويده وهذا أيضا معنى صحيح قريب ويناسبه المثال السابق.
الثالث: أن يكون المعنى فإذا أحببته أحبني وأطاعني فكنت عنده بمنزلة سمعه وبصره ولسانه ويده في العزة والاحترام والإجلال والإكرام.
قال الرضي:
وإن لم تكن عندي كسمعي وناظري فلا نظرت عيني ولا سمعت أذني