للمفعول إذ لم يثبت ضبطه بالبناء للفاعل يعني إن من عرف الله سبحانه بأنه ربه لم يعبده أي لم يعبد ذلك العارف أحد حقا أي عبادة بالحق لامتناع كونه ربا مربوبا وإلها مألوها فأل زائدة في الحق الثاني أو عوض عن المضاف إليه في نظائره فيكون حكما ببطلان قول الغلاة كما تقدم.
الثاني عشر: أن يكون المراد بالحق الواجب فإنه أحد معانيه ويعبد مشددا كما مر يعني إن من عرف الحق الواجب للمسلمين أو المؤمنين لم يذلل ذلك الحق بتركه وعدم القيام به أو لم يذلل صاحبه بإهانته والتقصير في حقه على الاضمار أو على المجاز العقلي.
واعلم: أنه يحتمل احتمالات أخر وقد تقرر أنه مع قيام الاحتمال يسقط الاستدلال فكيف مع الاحتمالات الكثيرة التي أكثرها قريب مع معارضة الأدلة السابقة وعدم ثبوت كونه قول معصوم والله أعلم.
فصل:
إعلم أن الاعتبار والنقل دلا على أن العلم موجب للعمل وأن كل من ازداد علما بالله ومعرفة به لزم أن يزداد عبادة له وخوفا من نقمته ورجاء لرحمته كما أن كل من ازداد معرفة بشجاعة الشجاع ازداد خوفا منه وكل من ازداد علما بكرم الكريم ازداد رجاء له وذلك صريح في إبطال قول الصوفية في هذا الباب كما أشرنا إليه فيما مر ونذكر هنا من الأدلة السمعية اثني عشر:
الأول: قوله تعالى ﴿إنما يخشى الله من عباده العلماء﴾ (1) دلت على استلزام العلم للخشية وانحصارها في العالم وإن سببها وعلتها العلم لتعليق الحكم بها عليه فيلزم زيادتها بزيادته ومقتضاها القيام بالواجبات وترك المحرمات فكيف يسقط ذلك عمن زاد علمه بالله كما يدعون.