ولذلك لم ينقل أن أحد من متقدميهم ولا متأخريهم فعل ذلك إلى قريب من هذا الزمان بل صرحوا بإنكاره كما فعل الأئمة عليهم السلام فعلم دخول المعصومين عليهم السلام في هذا الاجماع فيكف يجوز الخروج عنه، والتتبع شاهد بأن هذه الرياضة من قاعدة أعداء الدين قديما وحديثا كالنصارى وكفار الهند وصوفية العامة ويأتي إن شاء الله ما يدل على عدم جواز مشاكلة أعداء الله وسلوك مسالكهم.
الخامس: تتبع طريقة النبي والأئمة عليهم السلام فإنه يظهر أنهم لم يكونوا يفعلونه بل كانوا ينكرونه غاية الانكار كما يأتي إن شاء الله فكيف يجوز مخالفة طريقة أهل العصمة عليهم السلام؟!
السادس: إنهم يجعلونه مقدمة ووسيلة إلى الكشف وإلى سقوط التكاليف وقد عرفت بطلانهما فما الظن بمقدمتهما.
فإن قلت: إنهم يجعلونه وسيلة إلى حصول صفاء القلب ورقته.
قلت: هو راجع إلى ما ذكرناه مع أنه لم يثبت رجحان ذلك شرعا مع ورود النهي فلو كان ذلك مطلوبا لذاته لجاز تحصيله بالمحرمات ولما ورد النهي عن هذه الرياضة وانحصار أسبابه فيها معلوم البطلان وقد ذكر فساد ذلك جماعة من علماء الشرع وذكروا أن العبادات الشرعية إذا واظب عليها المكلف أورثت صفاء الفكر والعقل وحصول المعارف الربانية وممن ذكر ذلك صاحب المدارك في أول كتاب الصوم.
السابع: الآيات الشريفة القرآنية مثل قوله تعالى ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين، وكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا﴾ (١) وقوله تعالى ﴿يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك﴾ (٢) وقوله تعالى ﴿قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق﴾ (3) إلى غير ذلك