الإثنا عشرية - الحر العاملي - الصفحة ٩١
فصل في تأويل ما سألني عنه بعض الطلبة وذكر أنه وجده في بعض الكتب مرويا ولفظه: من عرف الحق لم يعبد الحق.
فكتبت في جوابه أقول: مثل هذا لا ضرورة بنا إلى تأويله وتوجيه الفكر إلى توجيهه إذ لم يصلح له سند ولا ثبت في كتاب معتمد مع أن ظاهره مخالف لصريح العقل وصحيح النقل بل يقتضي بطلان ضروريات الدين ويصادم الكتاب والسنة وإجماع المسلمين فيحتاج إلى إثباته أولا وصرفه عن ظاهره ثانيا ويقرب إلى الاعتبار أنه من كلام بعض الصوفية القائلين بسقوط العبادات عمن وصل إلى مرتبة الكشف والوصول وبعد تسليم كونه حديثا مرويا يجب اطراحه لما قلناه من عدم وجود سنده وعدم قيام القرائن على صحته وعلى تقدير عدم إمكان اطراحه وثبوت صحة نقله يجب تأويله ولو بوجه بعيد لضرورة الجميع بين الأدلة، وتأويله ممكن من وجوه نذكر منها هنا اثني عشر:
الأول: أن تكون العبادة بمعنى الجحود والإنكار فإن أحد معانيها اللغوية صرح به صاحب القاموس وغيره وذكروا أن الفعل منه كفرح وعليه حمل قوله تعالى (قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين) (1) على بعض الوجوه فيكون المعنى من عرف الحق معرفة صحيحة لم يجحده بعد معرفته ويكون فيه إشارة إلى أن من أنكر الحق بعد معرفته به ظاهرا لا يكون ما تقدم منه معرفة كما يعزى إلى السيد المرتضى من القول باستحالة تجدد الكفر بعد الإيمان الصحيح والمعرفة اليقينية وإن من تجدد كفره علم أن إيمانه السابق في الظاهر كان نفاقا في الباطن وفي أحاديث أصول الكافي ما يدل عليه.
الثاني: أن تكون العبادة بمعنى الجحود والإنكار كما مر وتكون جملة

(1) الزخرف - 81.
(٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة 2
2 الباب الأول: في ابطال النسبة وذمها 10
3 الباب الثاني: في ابطال التصوف وذمه 23
4 الباب الثالث: في ابطال اعتقاد الحلول والاتحاد 57
5 الباب الرابع: في ابطال الكشف الذي يدعونه 81
6 الباب الخامس: في ابطال ما يعتقدونه من سقوط التكاليف الشرعية عند ذلك الكشف 88
7 الباب السادس: في ابطال ما يفعلونه من الجلوس في الشتاء وما ابتدعوه من الرياضة وترك اللحم 98
8 الباب السابع: في ابطال ما يجعلونه من أفضل العبادات من الفتل والسقوط على الأرض 112
9 الباب الثامن: في ابطال ما يعتقدونه من أفضل العبادات أيضا من الرقص والصفق بالأيدي والصياح 116
10 الباب التاسع: في اثبات ما يبطلونه ويمنعون منه من السعي على الرزق وطلب المعاش والتجمل ونحوها 118
11 الباب العاشر: في تحريم ما يستحلونه ويعدونه عبادة من الغنا على وجه العموم والخصوص صورة كونه في القرآن والذكر 123
12 الباب الحادي عشر: في ابطال ما يفعلونه من الذكر الخفي والجلي على ما ابتدعوه 148
13 الباب الثاني عشر: في ابطال ما صار شعارا لهم من موالاة أعداء الله ومعاداة أولياء الله وفيه اثنا عشر فصلا 151
14 الفصل الأول: في تحريم الاقتداء بأعداء الدين ومشابهتهم ومشاكلتهم 158
15 الفصل الثاني: في تحريم الابتداع في الدين 160
16 الفصل الثالث: في ذكر بعض مطاعن مشايخ الصوفية 163
17 الفصل الرابع: في وجوب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر 183
18 الفصل الخامس: في تحريم ترك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر 185
19 الفصل السادس: في وجوب المجادلة في الدين والمناظرة لبيان الحق 187
20 الفصل السابع: في وجوب جهاد النفس وأعداء الدين 188
21 الفصل الثامن: في وجوب اجتناب معاشرة أهل البدع والمعاصي 190
22 الفصل التاسع: في جواز لعن المبتدعين والمخالفين والبراءة منهم 193
23 الفصل العاشر: في تحريم التعصب بالباطل 196
24 الفصل الحادي عشر: في عدم جواز حسن الظن بالعامة واتباع شيء من طريقتهم المختصة بهم 197
25 الفصل الثاني عشر: في وجوب جهاد النفس والكفر والابتداع والفسق 200