القلوب، وكيف كان فإما أن يكون عقليا أو سمعيا، ولا بد في كل واحد من العلم بثلاثة أشياء: العلم بالمكلف ليمكن إيقاعه إعظاما له وتذللا، والعلم بصفة الفعل من وجوب أو ندب ليمكن أن ينوي على صفته، والعلم بكيفيته وترتيبه ليمكن إيقاعه على الوجه المبرئ للذمة.
إذا عرفت هذا فاعلم أن التكاليف الشرعية متأخرة في العلم عن التكاليف العقلية لترتب (101) الشرع على العقل، ثم العقلية ضرورية كالعلم بوجوب رد الوديعة وقضاء الدين، وكسبية كالعلم بقبح الكذب النافع، وحسن الصدق الضار، وكالنظر في المعارف الإلهية، وكل واحد من هذه التكاليف قد يخلو المكلف منها، ولا يخلو مع ذلك من وجوب النظر في المعارف الإلهية، فإذا يجب تقديم الكلام في المعارف. (102) وقبل ذلك لا بد من بيان حقيقة العلم والنظر، فنقول: العلم هو تبين الشئ على ما هو به تبينا ينتفي معه الاحتمال، وهذا ليس بتحديد، إذ العلم لظهوره غني عن الإبانة لكنه تنبيه.
وأما النظر فهو ترتيب علوم أو ظنون ترتيبا صحيحا ليتوصل به إلى علم أو ظن. والدليل هو ما النظر الصحيح فيه يفضي إلى العلم.
إذا عرفت هذا فنقول: الدليل على أن النظر واجب وجهان: