وفي حديث ابن مسعود: أقرأنيها رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فاه إلى في أي مشافهة وتلقينا، وهو نصب على الحال بتقدير المشتق، ويقال فيه: كلمني فوه إلى في بالرفع، والجملة في موضع الحال، قال: ومن أمثالهم في باب الدعاء على الرجل العرب تقول: فاها لفيك، تريد فا الداهية، وهي من الأسماء التي أجريت مجرى المصدر المدعو بها على إضمار الفعل غير المستعمل إظهاره، قال سيبويه: فاها لفيك، غير منون، إنما يريد فا الداهية، وصار بدلا من اللفظ بقول دهاك الله، قال: ويدلك على أنه يريد الداهية قوله:
وداهية من دواهي المنو ن يرهبها الناس لا فا لها فجعل للداهية فما، وكأنه بدل من قولهم دهاك الله، وقيل: معناه الخيبة لك. وأصله أنه يريد جعل الله بفيك الأرض، كما يقال بفيك الحجر، وبفيك الأثلب، وقال رجل من بلهجيم:
فقلت له: فاها بفيك، فإنها قلوص امرئ قاريك ما أنت حاذره يعني يقريك من القرى، وأورده الجوهري: فإنه قلوص امرئ، قال ابن بري: وصواب إنشاده فإنها، والبيت لأبي سدرة الأسدي، ويقال الهجيمي. وحكي عن شمر قال: سمعت ابن الأعرابي يقول فاها بفيك، منونا، أي ألصق الله فاك بالأرض، قال: وقال بعضهم فاها لفيك، غير منون، دعاء عليه بكسر الفم أي كسر الله فمك. قال: وقال سيبويه فاها لفيك، غير منون، إنما يريد فا الداهية وصار الضمير بدلا من اللفظ بالفعل، وأضمر كما أضمر للترب والجندل، وصار بدلا من اللفظ بقوله دهاك الله، وقال آخر:
لئن مالك أمسى ذليلا، لطالما سعى للتي لا فا لها، غير آئب أراد لا فم لها ولا وجه أي للداهية، وقال الآخر:
ولا أقول لذي قربى وآصرة:
فاها لفيك على حال من العطب ويقال للرجل الصغير الفم: فو جرذ وفو دبى، يلقب به الرجل.
ويقال للمنتن ريح الفم: فو فرس حمر. ويقال: لو وجدت إليه فا كرش أي لو وجدت إليه سبيلا. ابن سيده: وحكى ابن الأعرابي في تثنية الفم فمان وفميان وفموان، فأما فمان فعلى اللفظ، وأما فميان وفموان فنادر، قال: وأما سيبويه فقال في قول الفرزدق: هما نفثا في في من فمويهما إنه على الضرورة.
والفوه، بالتحريك: سعة الفم وعظمه. والفوه أيضا: خروج الأسنان من الشفتين وطولها، فوه يفوه فوها، فهو أفوه، والأنثى فوهاء بينا ألفوه، وكذلك هو في الخيل. ورجل أفوه: واسع الفم، قال الراجز يصف الأسد:
أشدق يفتر افترار الأفوه وفرس فوهاء شوهاء: واسعة الفم في رأسها طول. والفوه في بعض الصفات: خروج الثنايا العليا وطولها. قال ابن بري: طول الثنايا العليا يقال له الروق، فأما ألفوه فهو طول الأسنان كلها.
ومحالة فوهاء: طالت أسنانها التي يجري الرشاء بينها. ويقال لمحالة السانية إذا طالت أسنانها: إنها لفوهاء بينة ألفوه، قال الراجز: