لسان العرب - ابن منظور - ج ١٣ - الصفحة ٥٢٦
ولا يكون الاسم على حرفين أحدهما التنوين، فأبدل مكانها حرف جلد مشاكل لها، وهو الميم لأنهما شفهيتان، وفي الميم هوي في الفم يضارع امتداد الواو. قال أبو الهيثم: العرب تستثقل وقوفا على الهاء والحاء والواو والياء إذا سكن ما قبلها، فتحذف هذه الحروف وتبقي الاسم على حرفين كما حذفوا الواو من أب وأخ وغد وهن، والياء من يد ودم، والحاء من حر، والهاء من فوه وشفة وشاة، فلما حذفوا الهاء من فوه بقيت الواو ساكنة، فاستثقلوا وقوفا عليها فحذفوها، فبقي الاسم فاء وحدها فوصلوها بميم ليصير حرفين، حرف يبتدأ به فيحرك، وحرف يسكت عليه فيسكن، وإنما خصوا الميم بالزيادة لما كان في مسكن، والميم من حروف الشفتين تنطبقان بها، وأما ما حكي من قولهم أفمام فليس بجمع فم، إنما هو من باب ملامح ومحاسن، ويدل على أن فما مفتوح الفاء وجودك إياها مفتوحة في هذا اللفظ، وأما ما حكى فيها أبو زيد وغيره من كسر الفاء وضمها فضرب من التغيير لحق الكلمة لإعلالها بحذف لامها وإبدال عينها، وأما قول الراجز:
يا ليتها قد خرجت من فمه، حتى يعود الملك في أسطمه يروى بضم الفاء من فمه، وفتحها، قال ابن سيده: القول في تشديد الميم عندي أنه ليس بلغة في هذه الكلمة، ألا ترى أنك لا تجد لهذه المشددة الميم تصرفا إنما التصرف كله على ف و ه؟ من ذلك قول الله تعالى: يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم، وقال الشاعر:
فلا لغو ولا تأثيم فيها، وما فاهوا به أبدا مقيم وقالوا: رجل مفوه إذا أجاد القول، ومنه الأفوه للواسع الفم، ولم نسمعهم قالوا أفمام ولا تفممت، ولا رجل أفم، ولا شيئا من هذا النحو لم نذكره، فدل اجتماعهم على تصرف الكلمة بالفاء والواو والهاء على أن التشديد في فم لا أصل له في نفس المثال، إنما هو عارض لحق الكلمة، فإن قال قائل: فإذا ثبت بما ذكرته أن التشديد في فم عارض ليس من نفس الكلمة، فمن أين أتى هذا التشديد وكيف وجه دخوله إياها؟ فالجواب أن أصل ذلك أنهم ثقلوا الميم في الوقف فقالوا فم، كما يقولون هذا خالد وهو يجعل، ثم إنهم أجروا الوصل مجرى الوقف فقالوا هذا فم ورأيت فما، كما أجروا الوصل مجرى الوقف فيما حكاه سيبويه عنهم من قولهم:
ضخم يحب الخلق الأضخما وقولهم أيضا:
ببازل وجناء أو عيهل، كأن مهواها، على الكلكل، موقع كفي راهب يصلي يريد: العيهل والكلكل. قال ابن جني: فهذا حكم تشديد الميم عندي، وهو أقوى من أن تجعل الكلمة من ذوات التضعيف بمنزلة هم وحم، قال: فإن قلت فإذا كان أصل فم عندك فوه فما تقول في قول الفرزدق: هما نفثا في في من فمويهما، على النابح العاوي، أشد رجام وإذا كانت الميم بدلا من الواو التي هي عين فكيف جاز له الجمع بينهما؟ فالجواب: أن أبا علي حكى لنا عن أبي بكر وأبي إسحق أنهما ذهبا إلى أن الشاعر جمع بين العوض والمعوض عنه، لأن الكلمة
(٥٢٦)
مفاتيح البحث: الشاعر الفرزدق (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 521 522 523 524 525 526 527 528 529 530 531 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 حرف النون فصل الألف 3
2 فصل الباء الموحدة 45
3 فصل التاء المثناة فوقها 71
4 فصل الثاء المثلثة 76
5 فصل الجيم 84
6 فصل الحاء المهملة 104
7 فصل الخاء المعجمة 136
8 فصل الدال المهملة 146
9 فصل الذال المعجمة 171
10 فصل الراء 175
11 فصل الزاي 193
12 فصل السين المهملة 203
13 فصل الشين المعجمة 230
14 فصل الصاد المهملة 244
15 فصل الضاد المعجمة 251
16 فصل الطاء المهملة 263
17 فصل الظاء المعجمة 270
18 فصل العين المهملة 275
19 فصل الغين المعجمة 309
20 فصل الفاء 317
21 فصل القاف 329
22 فصل الكاف 352
23 فصل اللام 372
24 فصل الميم 395
25 فصل النون 426
26 فصل الهاء 430
27 فصل الواو 441
28 فصل الياء المثناة تحتها 455
29 حرف الهاء فصل الهمزة 466
30 فصل الباء الموحدة 475
31 فصل التاء المثناة فوقها 480
32 فصل التاء المثلثة 483
33 فصل الجيم 483
34 فصل الحاء المهملة 487
35 فصل الدال المهملة 487
36 فصل الذال المعجمة 491
37 فصل الراء المهملة 491
38 فصل الزاي 494
39 فصل السين المهملة 494
40 فصل الشين المعجمة 503
41 فصل الصاد المهملة 511
42 فصل الضاد المعجمة 512
43 فصل الطاء المهملة 512
44 فصل العين المهملة 512
45 فصل الغين المعجمة 521
46 فصل الفاء 521
47 فصل القاف 530
48 فصل الكاف 533
49 فصل اللام 538
50 فصل الميم 539
51 فصل النون 546
52 فصل الهاء 551
53 فصل الواو 555
54 فصل الياء المثناة تحتها 564