أعانه على الشيطان. قال:
والفتان أيضا اللص الذي يعرض للرفقة في طريقهم فينبغي لهم أن يتعاونوا على اللص، وجمع الفتان فتان، والحديث يروى بفتح الفاء وضمها، فمن رواه بالفتح فهو واحد وهو الشيطان لأنه يفتن الناس عن الدين، ومن رواه بالضم فهو جمع فاتن أي يعاون أحدهما الآخر على الذين يضلون الناس عن الحق ويفتنونهم، وفتان من أبنية المبالغة في الفتنة، ومن الأول قوله في الحديث: أفتان أنت يا معاذ؟
وروى الزجاج عن المفسرين في قوله عز وجل: فتنتم أنفسكم وتربصتم، استعملتموها في الفتنة، وقيل:
أنمتموها. وقوله تعالى: وفتناك فتونا، أي أخلصناك إخلاصا. وقوله عز وجل: ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني، أي لا تؤثمني بأمرك إياي بالخروج، وذلك غير متيسر لي فآثم، قال الزجاج: وقيل إن المنافقين هزؤوا بالمسلمين في غزوة تبوك فقالوا يريدون بنات الأصفر فقال: لا تفتني أي لا تفتني ببنات الأصفر، فأعلم الله سبحانه وتعالى أنهم قد سقطوا في الفتنة أي في الإثم. وفتن الرجل أي أزاله عما كان عليه، ومنه قوله عز وجل: وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك، أي يميلونك ويزيلونك. ابن الأنباري:
وقولهم فتنت فلانة فلانا، قال بعضهم: معناه أمالته عن القصد، والفتنة في كلامهم معناه المميلة عن الحق. وقوله عز وجل: ما أنتم عليه بفاتنين إلا من هو صال الجحيم: فسره ثعلب فقال: لا تقدرون أن تفتنوا إلا من قضي عليه أن يدخل النار، وعدي بفاتنين بعلى لأن فيه معنى قادرين فعداه بما كان يعدى به قادرين لو لفظ به، وقيل: الفتنة الإضلال في قوله: ما أنتم عليه بفاتنين، يقول ما أنتم بمضلين إلا من أضله الله أي لستم تضلون إلا أهل النار الذين سبق علم الله في ضلالهم، قال الفراء: أهل الحجاز يقولون ما أنتم عليه بفاتنين، وأهل نجد يقولون بمفتنين من أفتنت والفتنة: الجنون، وكذلك الفتون. وقوله تعالى: والفتنة أشد من القتل، معنى الفتنة ههنا الكفر، كذلك قال أهل التفسير. قال ابن سيده:
والفتنة الكفر. وفي التنزيل العزيز: وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة. والفتنة: الفضيحة. وقوله عز وجل: ومن يرد الله فتنته، قيل:
معناه فضيحته، وقيل: كفره، قال أبو إسحق: ويجوز أن يكون اختباره بما يظهر به أمره. والفتنة: العذاب نحو تعذيب الكفار ضعفي المؤمنين في أول الإسلام ليصدوهم عن الإيمان، كما مطي بلال على الرمضاء يعذب حتى افتكه أبو بكر الصديق، رضي الله تعالى عنه، فأعتقه. والفتنة: ما يقع بين الناس من القتال. والفتنة: القتل، ومنه قوله تعالى: إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا، قال: وكذلك قوله في سورة يونس: على خوف من فرعون وملئهم أن يفتنهم، أي يقتلهم، وأما قول النبي، صلى الله عليه وسلم: إني أرى الفتن خلال بيوتكم، فإنه يكون القتل والحروب والاختلاف الذي يكون بين فرق المسلمين إذا تحزبوا، ويكون ما يبلون به من زينة الدنيا وشهواتها فيفتنون بذلك عن الآخرة والعمل لها. وقوله، عليه السلام: ما تركت فتنة أضر على الرجال من النساء، يقول: أخاف أن يعجبوا بهن فيشتغلوا عن الآخرة والعمل لها.
والفتنة: الاختبار. وفتنه يفتنه: اختبره. وقوله عز وجل: أولا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين: قيل: معناه يختبرون بالدعاء إلى الجهاد، وقيل: يفتنون بإنزال العذاب والمكروه.