والفتن: الإحراق بالنار. فتن الشئ في النار يفتنه: أحرقه.
والفتين من الأرض: الحرة التي قد ألبستها كلها حجارة سود كأنها محرقة، والجمع فتن. وقال شمر: كل ما غيرته النار عن حاله فهو مفتون، ويقال للأمة السوداء مفتونة لأنها كالحرة في السواد كأنها محترقة، وقال أبو قيس ابن الأسلت:
غراس كالفتائن معرضات، على آبارها، أبدا عطون وكأن واحدة الفتائن فتينة، وقال بعضهم: الواحدة فتينة، وجمعها فتين، قال الكميت:
ظعائن من بني الحلاف، تأوي إلى خرس نواطق، كالفتينا (* قوله من الحلاف كذا بالأصل بهذا الضبط، وضبط في نسخة من التهذيب بفتح الحاء المهملة).
فحذف الهاء وترك النون منصوبة، ورواه بعضهم: كالفتى نا. ويقال: واحدة الفتين فتنة مثل عزة وعزين. وحكى ابن بري: يقال فتون في الرفع، وفتين في النصب والجر، وأنشد بيت الكميت. والفتنة:
الإحراق. وفتنت الرغيف في النار إذا أحرقته. وفتنة الصدر:
الوسواس. وفتنة المحيا: أن يعدل عن الطريق. وفتنة الممات: أن يسأل في القبر. وقوله عز وجل: إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا، أي أحرقوهم بالنار الموقدة في الأخدود يلقون المؤمنين فيها ليصدوهم عن الإيمان. وفي حديث الحسن: إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات، قال: فتنوهم بالنار أي امتحنوهم وعذبوهم، وقد جعل الله تعالى امتحان عبيده المؤمنين باللأواء ليبلو صبرهم فيثيبهم، أو جزعهم على ما ابتلاهم به فيجزيهم، جزاؤهم فتنة. قال الله تعالى: ألم، أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون، جاء في التفسير:
وهم لا يبتلون في أنفسهم وأموالهم فيعلم بالصبر على البلاء الصادق الإيمان من غيره، وقيل: وهم لا يفتنون وهم لا يمتحنون بما يبين به حقيقة إيمانهم، وكذلك قوله تعالى: ولقد فتنا الذين من قبلهم، أي اختبرنا وابتلينا. وقوله تعالى مخبرا عن الملكين هاروت وماروت: إنما نحن فتنة فلا تكفر، معناه إنما نحن ابتلاء واختبار لكم. وفي الحديث: المؤمن خلق مفتنا أي ممتحنا يمتحنه الله بالذنب ثم يتوب ثم يعود ثم يتوب، من فتنته إذا امتحنته. ويقال فيهما أفتنته أيضا، وهو قليل: قال ابن الأثير: وقد كثر استعمالها فيما أخرجه الاختبار للمكروه، ثم كثر حتى استعمل بمعنى الإثم والكفر والقتال والإحراق والإزالة والصرف عن الشئ. وفتانا القبر: منكر ونكير. وفي حديث الكسوف:
وإنكم تفتنون في القبور، يريد مسألة منكر ونكير، من الفتنة الامتحان، وقد كثرت استعاذته من فتنة القبر وفتنة الدجال وفتنة المحيا والممات وغير ذلك. وفي الحديث: فبي تفتنون وعني تسألون أي تمتحنون بي في قبوركم ويتعرف إيمانكم بنبوتي. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: أنه سمع رجلا يتعوذ من الفتن فقال: أتسأل ربك أن لا يرزقك أهلا ولا مالا؟ تأول قوله عز وجل: إنما أموالكم وأولادكم فتنة، ولم يرد فتن القتال والاختلاف. وهما فتنان أي ضربان ولونان، قال نابغة بني جعدة:
هما فتنان مقضي عليه لساعته، فآذن بالوداع