وذلك أنه لا يراها، وذلك أنك إذا قلت كاد يفعل إنما تعني قارب الفعل، ولم يفعل على صحة الكلام، وهكذا معنى هذه الآية إلا أن اللغة قد أجازت لم يكد يفعل وقد فعل بعد شدة، وليس هذا صحة الكلام لأنه إذا قال كاد يفعل فإنما يعني قارب الفعل، وإذا قال لم يكد يفعل يقول لم يقارب الفعل إلا أن اللغة جاءت على ما فسر، قال: وليس هو على صحة الكلمة. وقال الفراء: كلما أخرج يده لم يكد يراها من شدة الظلمة لأن أقل من هذه الظلمة لا ترى اليد فيه، وأما لم يكد يقوم فقد قام، هذا أكثر اللغة. ابن الأنباري:
قال اللغويون كدت أفعل معناه عند العرب قاربت الفعل، ولم أفعل وما كدت أفعل معناه فعلت بعد إبطاء. قال: وشاهده قوله تعالى:
فذبحوها وما كادوا يفعلون، معناه فعلوا بعد إبطاء لتعذر وجدان البقرة عليهم. وقد يكون: ما كدت أفعل بمعنى ما فعلت ولا قاربت إذا أكد الكلام بأكاد. قال أبو بكر في قولهم: قد كاد فلان يهلك، معناه قد قارب الهلاك ولم يهلك، فإذا قلت ما كاد فلان يقوم، فمعناه قام بعد إبطاء، وكذلك كاد يقوم معناه قارب القيام ولم يقم، قال:
وهذا وجه الكلام، ثم قال: وتكون كاد صلة للكلام، أجاز ذلك الأخفش وقطرب وأبو حاتم، واحتج قطرب بقول الشاعر:
سريع إلى الهيجاء شاك سلاحه، فما إن يكاد قرنه يتنفس معناه ما يتنفس قرنه، وقال حسان:
وتكاد تكسل أن تجئ فراشها معناه وتكسل. وقوله تعالى: لم يكد يراها، معناه لم يرها ولم يقارب ذلك، وقال بعضهم: رآها من بعد أن لم يكد يراها من شدة الظلمة، وقول أبي ضبة الهذلي:
لقيت لبته السنان فكبه مني تكايد طعنة وتأيد قال السكري: تكايد تشدد.
وكادت المرأة: حاضت، ومنه حديث ابن عباس: أنه نظر إلى جوار قد كدن في الطريق فأمر أن يتنحين، معناه حضن في الطريق. يقال:
كادت تكيد كيدا إذا حاضت. وكاد الرجل: قاء. والكيد: القئ، ومنه حديث قتادة: إذا بلغ الصائم الكيد أفطر، قال ابن سيده:
حكاه الهروي في الغريبين. ابن الأعرابي: الكيد صياح الغراب بجهد ويسمى إجهاد الغراب في صياحه كيدا، وكذلك القئ. والكيد: إخراج الزند النار. والكيد: التدبير بباطل أو حق. والكيد: الحيض.
والكيد: الحرب. ويقال: غزا فلان فلم يلق كيدا. وفي حديث ابن عمر:
أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، غزا غزوة كذا فرجع ولم يلق كيدا أي حربا. وفي حديث صلح نجران: أن عليهم عارية السلاح إن كان باليمن كيد ذات غدر أي حرب ولذلك أنثها. ابن بزرج: يقال من كادهما يتكايدان وأصحاب النحو يقولون يتكاودان وهو خطأ لأنهم يقولون إذا حمل أحدهم على ما يكره: لا والله ولا كيدا ولا هما، يريد لا أكاد ولا أهم. وحكى ابن مجاهد عن أهل اللغة: كاد يكاد كان في الأصل كيد يكيد. وقوله عز وجل: إنهم يكيدون كيدا وأكيد كيدا، قال الزجاج: يعني به الكفار، إنهم يخاتلون النبي، صلى الله عليه وسلم، ويظهرون ما هم على خلافه، وأكيد كيدا، قال: كيد الله تعالى لهم استدراجهم من حيث لا