وبعضهم يقول يحسده، بالكسر، والمصدر حسدا، بالتحريك، وحسادة. وتحاسد القوم، ورجل حاسد من قوم حسد وحساد وحسدة مثل حامل وحملة، وحسود من قوم حسد، والأنثى بغير هاء، وهم يتحاسدون. وحكى الأزهري عن ابن الأعرابي:
الحسدل القراد، ومنه أخذ الحسد يقشر القلب كما تقشر القراد الجلد فتمتص دمه. وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالا فهو ينفقه آناء الليل والنهار، ورجل آتاه الله قرآنا فهو يتلوه، الحسد: أن يرى الرجل لأخيه نعمة فيتمنى أن تزول عنه وتكون له دونه، والغبط: أن يتمنى أن يكون له مثلها ولا يتمنى زوالها عنه، وسئل أحمد بن يحيى عن معنى هذا الحديث فقال: معناه لا حسد لا يضر إلا في اثنتين، قال الأزهري: الغبط ضرب من الحسد وهو أخف منه، ألا ترى أن النبي، صلى الله عليه وسلم، لما سئل: هل يضر الغبط؟ فقال:
نعم كما يضر الخبط، فأخبر أنه ضار وليس كضرر الحسد الذي يتمنى صاحبه زوال النعمة عن أخيه، والخبط: ضرب ورق الشجر حتى يتحات عنه ثم يستخلف من غير أن يضر ذلك بأصل الشجرة وأغصانها، وقوله، صلى الله عليه وسلم، لا حسد إلا في اثنتين هو أن يتمنى الرجل أن يرزقه الله مالا ينفق منه في سبيل الخير، أو يتمنى أن يكون حافظا لكتاب الله فيتلوه آناء الليل وأطراف النهار، ولا يتمنى أن يرزأ صاحب المال في ماله أو تالي القرآن في حفظه. وأصل الحسد: القشر كما قال ابن الأعرابي، وحسده على الشئ وحسده إياه، قال يصف الجن مستشهدا على حسدتك الشئ بإسقاط على: أتوا ناري فقلت: منون أنتم، فقالوا: الجن، قلت: عموا ظلاما فقلت: إلى الطعام، فقال منهم زعيم: نحسد الإنس الطعاما وقد يجوز أن يكون أراد على الطعام فحذف وأوصل، قال ابن بري: الشعر لشمر بن الحرث الضبي وربما روي لتأبط شرجا، وأنكر أبو القاسم الزجاجي رواية من روى عموا صباحا، واستدل على ذلك بأن هذا البيت من قطعة كلها على روي الميم، قال وكذلك قرأتها على ابن دريد وأولها:
ونار قد حضأت بعيد وهن بدار، ما أريد بها مقاما قال ابن بري: قد وهم أبو القاسم في هذا، أو لم تبلغه هذه الرواية لأن الذي يرويه عموا صباحا يذكره مع أبيات كلها على روي الحاء، وهي لخرع بن سنان الغساني، ذكر ذلك في كتاب خبر سد مأرب، ومن جملة الأبيات:
نزلت بشعب وادي الجن، لما رأيت الليل قد نشر الجناحا أتاني قاشر وبنو أبيه، وقد جن الدجى والنجم لاحا وحدثني أمورا سوف تأتي، أهز لها الصوارم والرماحا قال: وهذا كله من أكاذيب العرب، قال ابن سيده: وحكى اللحياني عن العرب حسدني الله إن كنت أحسدك، وهذا غريب، وقال: هذا كما يقولون نفسها الله علي إن كنت أنفسها عليك، وهو كلام شنيع، لأن الله، عز وجل، يجل عن ذلك، والذي يتجه هذا عليه أنه أراد: عاقبني الله على الحسد أو جازاني عليه كما قال: ومكروا ومكر الله.