الرفع في الثاني أحسن، فليس طلب المشاكلة بين المعطوف والمعطوف عليه إذا كان المعطوف عليه جملة فعلية في اقتضاء النصب، كهمزة الاستفهام، بل الهمزة أشد اقتضاء له، وكذا جعل سيبويه الرفع بعد حروف النفي أحسن منه بعد الهمزة، وذلك لان الجملة مع الهمزة تصير طلبية، وكون الطلبية فعلية، أولى إن أمكن، كما ذكرنا، ولا تصير مع حرف النفي طلبية.
واعلم أن للاستفهام حرفين: أحدهما عريق فيه وهو الهمزة، فهي تدخل على الفعلية نحو: أضرب زيد؟ وعلى الاسمية الخالية من الفعل نحو: أزيد خارج؟ وعلى الاسمية التي خبر المبتدا فيها فعلية نحو: أزيد خرج.
وثانيهما دخيل فيه وهو " هل " التي أصلها أن تكون بمعنى " قد " اللازمة للفعل، كما يجئ في قسم الحروف، فهي تدخل على الفعلية، وعلى الاسمية التي ليس خبر المبتدا فيها فعلية، نحو: هل زيد قائم؟ لمشابهة الهمزة، وأما الاسمية التي جزؤها الثاني فعلية فلا تدخل عليها إلا على قبح، نحو: هل زيد خرج؟، لأنهما إذا لم تجد فعلا، تسلت عنه، فان كان أحد جزاي الجملة التي تدخلها فعلا تذكرت الصحبة القديمة، فلا ترضى إلا بان تعانقه فيجب أن توليه إياها، وكذا يقبح دخولها على فعلية مع الفصل بينها وبين الفعل باسم، نحو: هل زيدا ضربت، وعلى فعلية مقدر فعلها مفسرا بفعل ظاهر نحو: هل زيدا ضربته، والنصب ههنا أحسن القبيحين.
وقد مر الخلاف بين سيبويه والأخفش في أن الرفع أولى أو النصب، في نحو: أأنت زيدا ضربته، والوفاق في اختيار النصب إذا فصل بظرف في نحو: اليوم زيدا ضربته.
والأسماء المتضمنة للاستفهام مثل " هل "، تدخل على فعلية فعلها ملفوظ به، ويقبح نحو: متى زيدا ضربت، ومتى زيد خرج؟ فالرفع في: متى زيد ضربته أقبح القبيحين، كما ذكرنا في " هل ".
ويحسن: متى زيد خارج، كل ذلك لان كل متطفل على شئ فحقه (1) لزوم أصل