المفسر عين لفظ المفسر، كزيدا ضربته أي ضربت زيدا ضربته، أو يكون لفظ المفسر دالا على معنى المفسر واللفظ غير اللفظ، كما في: مررت به، وضربت غلامه وحبست عليه، وهذا الثاني على ثلاثة أقسام، لأنه إن أمكن أن يقدر ما هو بمعنى الفعل الظاهر من غير نظر إلى معمول لذلك الفعل الظاهر خاص، بل مع أي معمول كان فهو الأولى، نحو:
زيدا مررت به، فان " جاوزت " المقدر قبل " زيدا " بمعنى مررت، سواء كان مررت عاملا في: بك أو في به أو في بغلامك أو في بأخيك، أو في أي شئ كان، لا يتفاوت معناه باعتبار المفاعيل.
وإن لم يمكن هذا، فانظر إلى معنى ذلك الفعل الظاهر مع معموله المعين الخاص الذي نصبه ذلك الفعل المقدر، فقدر ذلك المعنى، وذلك نحو: زيدا ضربت غلامه، فان " أهنت " المقدر ههنا قبل زيد، ليس بمعنى ضربت مطلقا مع أي معمول كان، بل هو معناه مع " غلامه أو أخاه أو صديقه " أو ما جرى مجرى ذلك، ألا ترى أنك لو قلت:
زيدا ضربت عدوه لم يكن معنى " ضربت عدوه ": أهنت زيدا، بل المعنى: أكرمت زيدا ضربت عدوه، فظهر أن " أهنت " المقدر، بمعنى الفعل الظاهر مع بعض معمولاته دون بعض، بخلاف " جاوزت " فإنه بمعنى " مررت " مع أي معمول كان.
وإن لم يمكن هذا الثاني أيضا، أضمرت معنى " لابست " فإنه يطرد في كل فعل مشتغل بضمير أو بمتعلق الضمير، أي متعلق كان.
ولنا أن نقول في تعيين المقدر رافعا كان أو ناصبا، إنك تنظر، فان كان المفسر عاملا في ضمير الاسم المتقدم بلا واسطة، قدرت لفظ ذلك المفسر بعينه، كما في: إن زيد قام، وإن زيد ضربته، وإن عمل في الضمير بواسطة حرف جر نحو: إن زيد مر به، وإن زيد مررت به، فلك أن تضمر فعل الملابسة مطلقا أي إن لوبس زيد، وإن لابست زيدا، وكذا في: إن الخوان أكل عليه، وإن الخوان أكلت عليه، أي: إن لوبس الخوان وإن لابسته، وأما إن قلت آلخوان أكل عليه اللحم، فإنك تضمر لابس وفاعله ما أسندت إليه الفعل المبني للمفعول، أي ألابس اللحم الخوان أكل عليه اللحم، وكذا: السوط ضرب به زيد.