لأنها فاء السببية الواقعة موقعها، إذ هي داخلة على الجزاء لتضمن الموصول والموصوف معنى كلمة الشرط، وكون الصلة والصفة كالشرط، فما بعد الفاء لا غير، كالجزاء، بلى، لو لم يتضمن الموصول والموصوف معنى الشرط وقلنا إن الشرط مقدر، أي أن الأصل اما يكن شئ فاجلدوا الزانية والزاني، ثم عمل به ما عمل بنحو قوله تعالى: " وربك فكبر، وأما بنعمة ربك فحدث "، كما يجئ في حروف الشرط، وشغل: اجلدوا بمتعلق الضمير، لكان من هذا الباب، كما في قوله تعالى: " هذا فليذوقوه " (1)، على بعض التأويلات ويجوز أن يكون بتقدير: هذا كذا، فليذوقوه، وبمعنى: أما هذا فليذوقوه، وبمعنى:
هذا حميم فليذوقوه.
ويخرج أيضا بالقيد المذكور: الفعل الذي لا يكون الاسم المتقدم عليه من جملته، بل من جملة أخرى، فإنه لا يكون من هذا الباب إذ لو سلط عليه لو ينصبه، لأنه لا ينصب الفعل إلا ما هو من جملته وذيوله، فخرج على هذا أيضا، قوله تعالى: " الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما "، عند سيبويه، إذ التقدير عنده: فيما يتلى عليكم حكم الزانية والزاني، فاجلدوا، وكذا يخرج: زيد اضربته أو لا تضربنه، لان الفعل المؤكد بالنون لا يعمل فيما قبله كما تقدم.
قال البصريون: إنما لم يجز نصب الاسم المذكور إلا قبل ما لو سلط عليه هو أو مناسبه لنصبه، لان المفسر عوض عن الناصب ودال عليه، فلا أقل من أن يكون مستعدا للنصب وعلى شفا العمل بحيث لو لم نشغله بنائب الاسم المنصوب المتقدم أعني بضميره أو متعلقه لنصبه، فما لم يصلح هو أو مناسبه للنصب لولا الضمير، أو متعلقه، لم يكن مفسرا أيضا، هذا زبدة كلامهم.
فان قيل: اشتراط هذا القول يقتضي فساد كون الناصب مقدرا مفسرا بالظاهر، ويؤدي إلى صحة مذهب الكسائي والفراء، أي أن الناصب هو المتأخر، وذلك لأنه لو