لنفى الأثر، كأنه يقول: لا أثر للخلطة في تقليل الزكاة وتكثيرها.
(ه) ومنه حديث الزكاة أيضا (وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية) الخليط: المخالط، ويريد به الشريك الذي يخلط ماله بمال شريكه. والتراجع بينهما هو أن يكون لأحدهما مثلا أربعون بقرة وللآخر ثلاثون بقرة، ومالهما مختلط، فيأخذ الساعي عن الأربعين مسنة، وعن الثلاثين تبيعا، فيرجع باذل المسنة بثلاثة أسباعها على شريكه، وباذل التبيع بأربعة أسباعه على شريكه، لان كل واحد من السنين واجب على الشيوع، كأن المال ملك واحد. وفى قوله بالسوية دليل على أن الساعي إذا ظلم أحدهما فأخذ منه زيادة على فرضه فإنه لا يرجع بها على شريكه، وإنما يغرم له قيمة ما يخصه من الواجب دون الزيادة. وفى التراجع دليل على أن الخلطة تصح مع تمييز أعيان الأموال عند من يقول به.
(ه) وفى حديث النبيذ (أنه نهى عن الخليطين أن ينبذا) يريد ما ينبذ من البسر والتمر معا، أو من العنب والزبيب، أو من الزبيب والتمر ونحو ذلك مما ينبذ مختلطا. وإنما نهى عنه لان الأنواع إذا اختلفت في الانتباذ كانت أسرع للشدة والتخمير. والنبيذ المعمول من خليطين، ذهب قوم إلى تحريمه وإن لم يسكر أخذا بظاهر الحديث، وبه قال مالك وأحمد. وعامة المحدثين قالوا: من شربه قبل حدوث الشدة فيه فهو آثم من جهة واحدة، ومن شربه بعد حدوثها فهو آثم من جهتين: شرب الخليطين وشرب المسكر. وغيرهم رخص فيه وعللوا التحريم بالاسكار.
(س) وفيه (ما خالطت الصدقة مالا إلا هلكته) قال الشافعي: يعنى أن خيانة الصدقة تتلف المال المخلوط بها. وقيل هو تحذير للعمال عن الخيانة في شئ منها. وقيل هو حث على تعجيل أداء الزكاة قبل أن تختلط بماله * وفى حديث الشفعة (الشريك أولى من الخليط، والخليط أولى من الجار) الشريك:
المشارك في الشيوع، والخليط: المشارك في حقوق الملك كالشرب والطريق ونحو ذلك.
(س) وفى حديث الوسوسة (رجع الشيطان يلتمس الخلاط) أي يخالط قلب المصلى بالوسوسة.