سيف قد سله فوقف على رأس هارون وهو يقول: يا هارون أطلق موسى بن جعفر وإلا ضربت علاوتك (1) بسيفي هذا فخاف هارون من هيبته، ثم دعا الحاجب فجاء الحاجب فقال له: إذهب إلى السجن فأطلق عن موسى بن جعفر [(عليهما السلام)]. قال: فخرج الحاجب فقرع باب السجن، فأجابه صاحب السجن، فقال: من ذا؟ قال: إن الخليفة يدعو موسى بن جعفر (عليهما السلام) فأخرجه من سجنك وأطلق عنه.
فصاح السجان: يا موسى إن الخليفة يدعوك، فقام موسى (عليه السلام) مذعورا فزعا وهو يقول: لا يدعوني في جوف هذا الليل إلا لشر يريده بي، فقام باكيا حزينا مغموما آيسا من حياته... فجاء إلى هارون وهو ترتعد فرائصه فقال: سلام على هارون فرد عليه السلام.
ثم قال له هارون: ناشدتك بالله هل دعوت في جوف هذا الليل بدعوات؟ فقال:
نعم. قال: وما هن؟ قال: جددت طهورا وصليت لله عزوجل أربع ركعات ورفعت طرفي إلى السماء وقلت: " يا سيدي خلصني من يد هارون وشره " وذكر له ما كان من دعائه.
فقال هارون: قد استجاب الله دعوتك، يا حاجب أطلق عن هذا، ثم دعا بخلع عليه ثلاثا وحمله على فرسه وأكرمه وصيره نديما لنفسه.
ثم قال: هات الكلمات، فعلمه، قال: فأطلق عنه وسلمه إلى الحاجب ليسلمه إلى الدار ويكون معه فصار موسى بن جعفر (عليهما السلام) كريما شريفا عند هارون وكان يدخل عليه في كل خميس إلى أن حبسه الثانية، فلم يطلق عنه حتى سلمه إلى السندي بن شاهك وقتله بالسم. (2)