أشعاره (عليه السلام) عند المتوكل [449] - 9 - قال المسعودي:
وحدث أبو عبد الله محمد بن عرفة النحوي قال: حدثنا محمد بن يزيد المبرد قال: قال المتوكل لأبي الحسن على بن محمد بن على بن موسى بن جعفر بن محمد ابن على بن الحسين بن على بن أبي طالب (عليهم السلام): ما يقول ولد أبيك في العباس بن عبد المطلب؟ قال: وما يقول ولد أبي يا أمير المؤمنين في رجل افترض الله طاعة بنيه على خلقه وافترض طاعته على بنيه؟ فأمر له بمائة ألف درهم، وإنما أراد أبو الحسن طاعة الله على بنيه، فغرض.
وقد كان سعى بأبى الحسن على بن محمد (عليهما السلام) إلى المتوكل، وقيل له: إن في منزله سلاحا وكتبا وغيرها من شيعته، فوجه إليه ليلا من الأتراك وغيرهم من هجم عليه في منزله على غفلة ممن في داره، فوجده في بيت وحده مغلق عليه وعليه مدرعة من شعر، ولا بساط في البيت إلا الرمل والحصى، وعلى رأسه ملحفة من الصوف متوجها إلى ربه يترنم بآيات من القرآن في الوعد والوعيد، فأخذ على ما وجد عليه، وحمل إلى المتوكل في جوف الليل، فمثل بين يديه والمتوكل يشرب وفى يده كأس، فلما رآه أعظمه وأجلسه إلى جنبه، ولم يكن في منزله شيء مما قيل فيه، ولا حالة يتعلل عليه بها، فناوله المتوكل الكأس الذي في يده، فقال: يا أمير المؤمنين، ما خامر لحمي ودمي قط، فاعفني منه، فأعفاه، وقال: أنشدني [شعرا أستحسنه، فقال: إني لقليل الرواية للأشعار، فقال: لابد أن تنشدني] فأنشده:
باتوا على قلل الأجبال تحرسهم * غلب الرجال فما أغنتهم القلل واستنزلوا بعد عز عن معاقلهم * فأودعوا حفرا، يا بئس ما نزلوا ناداهم صارخ من بعد ما قبروا * أين الأسرة والتيجان والحلل؟
أين الوجوه التي كانت منعمة * من دونها تضرب الأستار والكلل؟